تقرير سوق الكويت للأوراق المالية للأسبوع المنتهي في 03-09-2015
واصل سوق الكويت للأوراق المالية تسجيل الخسائر لمؤشراته الثلاثة التي واصلت الانزلاق إلى مستويات قياسية في ظل استمرار سيطرة موجة البيع العشوائية التي طالت معظم الأسهم المدرجة، وسط استمرار قلق المستثمرين من تراجع أسعار النفط من جهة، والمخاوف بشأن الاقتصاد العالمي من جهة أخرى، خاصة بعد تحذيرات (صندوق النقد الدولي) من مخاطر انتشار التقلبات التي تشهدها الأسواق في الآونة الأخيرة، وتأثير ذلك على الاقتصاد العالمي الذي يواجه بعض التحديات. هذا وقد شملت عمليات البيع التي شهدها السوق خلال الأسبوع الماضي الكثير من الأسهم، سواء القيادية منها أو الصغيرة، لاسيما الأخيرة التي منيت بخسائر واضحة انعكست بشكل سلبي على أداء المؤشر السعري بشكل خاص، والذي أنهى تداولات الأسبوع عند أدنى مستوى له منذ نوفمبر 2012.
على الصعيد الاقتصادي، طالب نائب رئيس مجلس الوزراء وزير المالية السابق ومحافظ بنك الكويت المركزي الأسبق (الشيخ سالم عبد العزيز الصباح) بإنشاء لجنة لبحث إجراء تغيير في السياسة الاستراتيجية للهيئة العامة للاستثمار، لافتاً أن الكويت تتمتع بأرصدة استثمارات خارجية ضخمة تم بناؤها خلال فترة زمنية ليست بالقصيرة، ورغم ذلك فمن الملاحظ أن تلك الاستثمارات لم يكن لها ارتباط أو انعكاس أو مردود إيجابي على تطوير وتحسين أداء الاقتصاد، فمن الأمور اللافتة، أن الدولة لم توظف جزءاً يسيراً من هذه الاستثمارات لتحقيق نقلة نوعية في أداء اقتصادنا الوطني، خاصة أن لديها عناصر وطنية كثيرة تتمتع بخبرات كبيرة وواسعة في شتى المجالات، مشيراً إلى أن هناك بعض الدول التي جاءت من بعدنا لا تمتلك مثل تلك المقومات المتوافرة لدينا، إلا أنها تمكنت خلال فترة وجيزة نسبياً من تحقيق إنجازات مبهرة على صعيد أداءها الاقتصادي، مستخدمة التمويل في سبيل تحقيق ذلك. وأضاف أنه قد آن الاوان لكي يتم التفكير في اجراء تغيير في سياسة الهيئة العامة للاستثمار بحيث تحقق تلك السياسة الهدف المنشود، فضلاً عن أهمية إجراء محاكاة حالية ومستقبلية لمعرفة ما اذا كانت هذه الاستثمارات تستطيع تحقيق الغاية التي من أجلها تم بناؤها، فبالإضافة الى تحقيق ذلك الهدف وتعظيم العوائد المالية والمعرفية المتنوعة، فإن مثل تلك الخطوة من الممكن اعتبارها بداية لإيجاد مصادر دخل رديفة أخرى للدولة تساند الإيرادات النفطية، وتزيد من القيمة المضافة للاقتصاد.
ولا شك أن استثمارات الهيئة العامة للاستثمار تعد من أكبر وأضخم الاستثمارات الخارجية بالمقارنة مع العديد من دول العالم، حيث احتلت الكويت المركز السابع عالمياً في قائمة الدول الأكثر استثماراً في الخارج، وذلك وفق التقرير الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) لعام 2015، ورغم ذلك فإن هذه الاستثمارات لا تعود بالنفع على الاقتصاد المحلي؛ ولكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن، هل ستستمر الحكومة في سياسة عدم المبالاة فيما يخص النصائح التي تأتيها من كل صوب وحدب بشأن استثمار جزء من الفوائض المالية التي حققتها الدولة في السنوات الماضية من أجل إنعاش وإعادة الحيوية للاقتصاد الوطني، بحيث يكون ذلك رديف استراتيجي مهم للدخل الوطني، أم أنها ستعي أن الوقت الراهن لا يحتمل هذا التجاهل؟ فلقد تلقت الحكومة في السابق العديد من الدراسات والمقترحات والإرشادات التي أكدت صعوبة استمرار الكويت في سياستها الاقتصادية الحالية التي تعاني من العديد من الاختلالات الهيكلية الخطيرة، وحذرتها من احتمال حدوث العجز المالي إذا لم تقم بإجراء إصلاحات شاملة للاقتصاد وتغيير سياسة الاعتماد على النفط كمصدر شبه وحيد للدخل، إلا أن كل ذلك قوبل بتجاهل واضح وغير مبرر حتى وقع الفأس في الرأس، إذ سجلت ميزانية الدولة خلال العام المالي السابق عجزاً مالياً حقيقياً بعد تراجع أسعار النفط بشكل قياسي منذ منتصف العام الماضي وحتى الآن. والخوف أن تذهب كل هذه المقترحات إلى مهب الريح، وأن تستمر الحكومة في سياسة اللامبالاة التي تتبعها منذ سنوات كثيرة، فحين إذن سيدفع الاقتصاد الوطني الثمن، وسينعكس ذلك سلباً على الأجيال القادمة التي سترث اقتصاداً مريضاً وهشاً.
وبالعودة إلى أداء سوق الكويت للأوراق المالية خلال الأسبوع الماضي، فقد سجلت مؤشراته الثلاثة خسائر جماعية على وقع استمرار عمليات البيع المكثفة التي لجأ إليها الكثير من المستثمرين تحت تأثير حالة الهلع التي أصابتهم نتيجة استمرار تراجع أسعار النفط والأسواق العالمية، وقد تضافرت مجموعة من العوامل التي استمرت بالضغط على مجريات التداول في السوق خلال الأسبوع المنقضي، منها تأثير تنامي ظاهرة الانسحاب الاختياري لبعض الشركات من البورصة على قيم التداولات والقيمة الرأسمالية للسوق، وكذلك استمرار تأثير الأزمة المالية في الصين، والتي لازالت تلقي بظلالها السلبية على أداء الأسواق المالية العالمية والخليجية على حد سواء، هذا بالإضافة إلى عدم توافر محفزات أو أخبار إيجابية تعطي زخماً للتداولات، مما تسبب في ضعف السيولة الموجهة إلى السوق بشكل ملفت. هذا وقد سجل السوق خسائره على إثر الضغوط البيعية القوية التي اتسمت بها معظم الجلسات اليومية، إذ تراجعت العديد من الأسهم التي تم التداول عليها خلال الأسبوع متأثرة بعمليات جني الأرباح والتسييل التي شهدتها تلك الأسهم، خاصة بعد الارتفاعات التي حققها السوق في جلسة بداية الأسبوع الماضي، والجلسة الأخيرة من الأسبوع الذي سبقه.
هذا وقد استهل السوق أولى جلسات الأسبوع محققاً ارتفاعاً لمؤشراته الثلاثة، وذلك وسط استمرار النشاط الشرائي من الجلسة السابقة، والذي شمل العديد من الأسهم القيادية والصغيرة في ظل تراجع أسعارها لمستويات مغرية للشراء، وقد شهد السوق هذا الأداء رغم انخفاض نشاط التداول نسبياً. أما في الجلسة التالية، فلم يستطع السوق مواصلة أداءه الإيجابي الذي شهده في جلسة الأحد ليسجل تراجعاً جماعياً لمؤشراته الثلاثة وسط ضغوط بيعية مكثفة تركزت على الأسهم القيادية والثقيلة، وذلك في ظل استمرار انخفاض نشاط التداول.
وفي جلسة يوم الثلاثاء شهد السوق تبايناً لجهة إغلاق مؤشراته الثلاثة، حيث استمر المؤشر السعري في التراجع تحت تأثير استمرار انخفاض أسعار بعض الأسهم الصغيرة، فيما تمكن المؤشرين الوزني وكويت 15 من عكس اتجاههما نحو الصعود نتيجة القوى الشرائية التي كانت حاضرة خلال الجلسة، والتي تركزت على بعض الأسهم القيادية، وسط انخفاض نشاط التداول بشكل واضح. وفي جلسة يوم الأربعاء، استمر المؤشر السعري في الانحدار، وتبعه في ذلك نظيريه الوزني وكويت 15، وذلك بفعل الضغوط البيعية القوية على الأسهم الصغيرة وعمليات جني الأرباح على بعض الأسهم القيادية التي حققت ارتفاعات سابقة، حيث سجلت حركة التداول تراجعاً واضحا وانخفضت القيمة النقدية بنسبة 33.89%، لتصل إلى أدنى مستوى لها منذ شهر تقريباً. أما في جلسة نهاية الأسبوع، فقد شهد السوق تبايناً لجهة إغلاق مؤشراته الثلاثة، حيث واصل المؤشر السعري تراجعه على وقع عمليات البيع التي تركزت على الأسهم الصغيرة، فيما تمكن المؤشرين الوزني وكويت 15 من تحقيق ارتفاع محدود بدعم من عمليات شراء انتقائية طالت بعض الأسهم الثقيلة. وشهد السوق هذا الأداء في ظل ارتفاع نشاط التداول بشكل واضح وخاصة كمية الأسهم المتداولة التي نمت بنسبة بلغت 44.78%.
من جهة أخرى، وصلت القيمة الرأسمالية لسوق الكويت للأوراق المالية في نهاية الأسبوع الماضي إلى 25.77 مليار د.ك. بانخفاض بلغت نسبته 1.32% مقارنة مع مستواها في الأسبوع قبل السابق، والذي كان 26.11 مليار د.ك. أما على الصعيد السنوي، فقد زادت نسبة الخسارة التي سجلتها القيمة الرأسمالية للشركات المدرجة في السوق خلال الأسبوع الماضي لتصل إلى 7.91% مقارنة بقيمتها في نهاية عام 2014، حيث بلغت حينها 27.98 مليار د.ك.
وأقفل المؤشر السعري مع نهاية الأسبوع عند مستوى 5,758.02 نقطة، مسجلاً انخفاضاً نسبته 2.02% عن مستوى إغلاقه في الأسبوع قبل الماضي، فيما سجل المؤشر الوزني تراجعاً بنسبة بلغت 1.48% بعد أن أغلق عند مستوى385.50 نقطة، في حين أقفل مؤشر كويت 15 عند مستوى 924.43 نقطة، بتراجع نسبته 1.30% عن إغلاقه في الأسبوع قبل الماضي. هذا وقد شهد السوق انخفاض المتوسط اليومي لقيمة التداول بنسبة بلغت 32.82% ليصل إلى 12.85 مليون د.ك. تقريباً، في حين سجل متوسط كمية التداول تراجعاً نسبته 27.42%، ليبلغ 141.87 مليون سهم تقريباً.
على صعيد الأداء السنوي لمؤشرات السوق الثلاثة، فمع نهاية الأسبوع الماضي سجل المؤشر السعري تراجعاً عن مستوى إغلاقه في نهاية العام المنقضي بنسبة بلغت 11.90%، بينما بلغت نسبة تراجع المؤشر الوزني منذ بداية العام الجاري 12.16%، في حين وصلت نسبة انخفاض مؤشر كويت 15 إلى 12.79%، مقارنة مع مستوى إغلاقه في نهاية 2014.