تمكن سوق الكويت للأوراق المالية من تعويض جزء من خسائره التي سجلها في الأسابيع القليلة الماضية، وذلك بعد أن أنهت مؤشراته الثلاثة تداولات الأسبوع المنقضي مسجلة مكاسب متباينة على وقع سيطرة عمليات الشراء والتجميع على بعض الأسهم القيادية، بالإضافة إلى عودة عمليات المضاربة على الأسهم الصغيرة. هذا وعلى الرغم من تصاعد الأحداث الجيوسياسية وتطوراتها المتلاحقة في المنطقة، إلا أن السوق قد تجاهل ذلك وتمكن من التماسك وتحقيق الارتفاع بدعم من الأنباء الإيجابية المنتشرة في السوق عن صفقة استحواذ شركة الاتصالات السعودية (STC) على نسبة 74% من أسهم شركة الاتصالات الكويتية (فيفا)، الأمر الذي أشاع حالة من التفاؤل على الأوساط الاستثمارية في السوق، وانعكس بشكل إيجابي على قيمة التداول التي شهدت ارتفاعاً واضحاً خلال بعض الجلسات اليومية من الأسبوع.
ولعل تفاعل السوق مع مثل هذه الصفقات الكبيرة قبل إتمامها يعتبر أمراً منطقياً في ظل الضعف الذي تعانيه التداولات منذ فترة طويلة نتيجة انعدام المحفزات، إذ يتعطش السوق لأية أخبار أو أنباء إيجابية تساهم في رفع معنويات المستثمرين وتحفزهم على الشراء، خاصة بعد الخسائر الكبيرة التي تكبدوها في السنوات الأخيرة بسبب عدم وجود محفزات إيجابية تساهم في عودة الروح التي يفتقدها السوق. وتأمل الأوساط الاستثمارية في سرعة إتمام صفقة (فيفا) من أجل فتح المجال أمام تدفق الاستثمارات الأجنبية، وليعود السوق الكويتي إلى موقعه الريادي مرة أخرى.
على الصعيد الاقتصادي، قال وزير التجارة والصناعة خلال كلمته في مؤتمر الصناعيين الخامس عشر تحت عنوان (الاستثمار الأجنبي المباشر وأثره في الصناعات الخليجية) أن الأزمة المالية التي عصفت باقتصاديات ضعيفة ليس لها مورد حقيقي وتشغيلي تجعلنا أكثر اهتماماً وعناية من أي وقت مضى بالصناعة، الأمر الذي يتطلب منا الكثير من الجهود والعمل الدءوب من أجل تشجيع الاستثمار الأجنبي الذي صار أمراً حتمياً لابد منه خاصة في هذه المرحلة التي تشهد تطورات متلاحقة على صعيد التجارة العالمية. وأوضح أن دول مجلس التعاون الخليجي تتميز بوجود قاعدة قوية لتشجيع استقطاب الاستثمارات الصناعية المباشرة، خاصة في مجال صناعة البتروكيماويات المستندة إلى ثروتها الطبيعية، وكذلك صناعة المواد الغذائية لتحقيق الأمن الغذائي الإستراتيجي، إضافة إلى ملائمتها لجذب الاستثمارات في الصناعات الابداعية من حيث المعرفة والابتكار لتنمية الصادرات غير النفطية لبناء المستقبل وإنجاح التنوع الاقتصادي.
على الصعيد الاقتصادي، قال رئيس الخبراء الاقتصاديين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لدى (البنك الدولي) أن التحدي الرئيسي الذي يواجهه الاقتصاد الكويتي يكمن في كيفية إدارة الإيرادات النفطية والاستعداد لمرحلة ما بعد النفط، ووضع رؤية واضحة لهذه المرحلة المستقبلية، مشيراً في الوقت نفسه أن الكويت يغلب عليها طابع الاحتكار وتغيب عنها المنافسة في السوق إلى حد ما، إذ أن بيئة الأعمال لديها محدودة بعض الشيء، فإذا كانت الدولة تتطلع إلى تنويع الاقتصاد، فعليها أن تمنح الشركات المتوسطة والصغيرة الفرصة للمنافسة والنمو، لكن ما نجده اليوم أن أغلب الصناعات أو القطاعات في الكويت تفتقر للمنافسة.
والجدير بالذكر أن الاقتصاد الكويتي، قد عانى من عدم وجود موارد تشغيلية حقيقية أو خطط تنموية واعدة منفذة تساعدها على تنويع مصادر دخلها، فإذا نظرنا إلى الكويت سنجد أنها قد اعتمدت بنسبة تزيد على 90% على بيع النفط في تمويل احتياجاتها دون النظر إلى كمية الانخفاضات الكبيرة التي حدثت والتي لازالت تحدث للسلعة الشبه الوحيدة التي تعتمد عليها ميزانيتها ألا وهي النفط ؛ وعلى الرغم من سعي بعض الدول الخليجية إلى تنويع مصادر دخلها وعدم الاعتماد بشكل شبه كلي على النفط، إلا أن الكويت تأخرت كثيراً في المضي قدماً في هذا الأمر، مما أدى بها إلى أن تكون في مؤخرة هذه الدول في الكثير من المجالات الاقتصادية. على صعيد متصل، تعتبر الصناعة أحد أهم السبل التي تساعد الدول في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، فالكثير من الدول فقيرة الموارد قد اتجهت إلى فتح المجال للاستثمارات الصناعية الأجنبية، حتى تمكنت من التنافس مع الدول العظمى، ولا يخفى على أحد أن الاقتصاد الكويتي في أمس الحاجة إلى السير في ذلك الاتجاه وفي المضي قدما إلى خصخصة الكثير من الخدمات وتقليص دورالدولة دورها في تملك الكثير من الأصول التي حان الوقت بأن تدارمن قبل القطاع الخاص لخلق فرص وظيفية جديدة للقوى العاملة الكويتية ولتخفيض العبء عن الميزانية العامة للدولة ولتحسين الخدمات في آن واحد، خاصة في ظل ما يواجهه الاقتصاد الوطني من الكثير من التحديات نتيجة تهاوي أسعار النفط.
وبالعودة إلى أداء سوق الكويت للأوراق المالية خلال الأسبوع المنقضي، فقد عادت مؤشرات السوق إلى الاجتماع على الإغلاق في المنطقة الخضراء مرة أخرى، وذلك بعد عدة أسابيع من الأداء المتباين، إذ لقي السوق دعم من القوى الشرائية وعمليات التجميع التي شملت العديد من الأسهم مختلف القطاعات وفي مقدمتها قطاع الاتصالات الذي استحوذ على 30% تقريباً من سيولة السوق خلال الأسبوع الماضي، حيث جاء ذلك في ظل شيوع حالة من التفاؤل بين المستثمرين نتيجة الأنباء المتواردة عن صفقة الاستحواذ على نسبة 74% من أسهم شركة (فيفا) المدرجة في السوق الرسمي.
هذا وقد استهل السوق أولى جلسات الأسبوع مسجلاً ارتفاعاً جيداً لمؤشراته الثلاثة، لاسيما المؤشرين الوزني وكويت 15 اللذان سجلاً مكاسب جيدة بنهاية الجلسة على إثر موجة الشراء التي شهدها السوق على الأسهم القيادية، الأمر الذي انعكس بصورة إيجابية على نشاط التداول في السوق، لاسيما على صعيد قيمة التداول التي سجلت ارتفاعاً كبيراً بنسبة 68% تقريباً بالمقارنة مع الجلسة السابقة. وواصل السوق تحقيق المكاسب في الجلسة التالية على وقع استمرار موجة الشراء النشطة على العديد من الأسهم، وفي ظل ارتفاع السيولة للجلسة الثانية على التوالي.
أما في جلسة منتصف الأسبوع، فقد توقف السوق في محطة جني الأرباح، وسط انحسار مستويات السيولة مرة أخرى، مما دفع مؤشراته الثلاثة إلى الإغلاق في المنطقة الحمراء، وهو الأمر الذي يعد طبيعياً بعد الارتفاعات الجيدة التي حققتها العديد من الأسهم في الجلستين السابقتين. هذا وعاد السوق إلى تحقيق الارتفاع الجماعي لمؤشراته الثلاثة مرة أخرى في جلستي الأربعاء والخميس، وذلك على وقع عودة عمليات الشراء والمضاربة في السيطرة على مجريات التداول، وسط استمرار تراجع قيمة التداول، وإن بنسب طفيفة.
هذا ووصلت القيمة الرأسمالية لسوق الكويت للأوراق المالية في نهاية الأسبوع الماضي إلى 26.22 مليار د.ك. بنمو نسبته 1% مقارنة مع مستواها في الأسبوع قبل السابق، والذي كان 25.96 مليار د.ك. أما على الصعيد السنوي، فقد سجلت القيمة الرأسمالية للشركات المدرجة في السوق تراجعاً بنسبة بلغت 6.29% عن قيمتها في نهاية عام 2014، حيث بلغت وقتها 27.98 مليار د.ك.
وأقفل المؤشر السعري مع نهاية الأسبوع عند مستوى 5,794.64 نقطة، مسجلاً ارتفاعاً نسبته 1.21% عن مستوى إغلاقه في الأسبوع قبل الماضي، فيما سجل المؤشر الوزني نمواً بنسبة بلغت 0.96% بعد أن أغلق عند مستوى 394.60 نقطة، وأقفل مؤشر كويت 15 عند مستوى 943.56 نقطة، بخسارة نسبتها 1.02% عن إغلاقه في الأسبوع قبل الماضي. هذا وقد شهد السوق ارتفاعاً في المتوسط اليومي لقيمة التداول بنسبة بلغت 13.92% ليصل إلى 15.69 مليون د.ك. تقريباً، في حين سجل متوسط كمية التداول انخفاضاً نسبته 1.04%، ليبلغ 131.23 مليون سهم تقريباً.
على صعيد الأداء السنوي لمؤشرات السوق الثلاثة، فمع نهاية الأسبوع الماضي سجل المؤشر السعري تراجعاً عن مستوى إغلاقه في نهاية العام المنقضي بنسبة بلغت 11.34%، بينما بلغت نسبة تراجع المؤشر الوزني منذ بداية العام الجاري 10.09%، في حين وصلت نسبة انخفاض مؤشر كويت 15 إلى 10.98%، مقارنة مع مستوى إغلاقه في نهاية 2014.
مؤشرات’ القطاعات
في المقابل، تصدر قطاع التأمين القطاعات التي سجلت تراجعاً، حيث انخفض مؤشره بنسبة 2.26%، مغلقاً عند مستوى 1,098.13 نقطة، فيما شغل قطاع التكنولوجيا المرتبة الثانية بعد أن أغلق مؤشره عند مستوى 871.80 نقطة، ليفقد ما نسبته 1.90%، تبعه قطاع المواد الأساسية بالمرتبة الثالثة، إذ أغلق مؤشره مع نهاية الأسبوع عند مستوى 1,023.78 نقطة، متراجعاً بنسبة بلغت 0.84%. أما أقل القطاعات انخفاضاً خلال الأسبوع الماضي، فكان قطاع السلع الاستهلاكية، إذ أقفل مؤشره مع نهاية الأسبوع عند مستوى 1,108.74 نقطة، مسجلاً انخفاضاً نسبته 0.54%.
تداولات’ القطاعات
أما لجهة قيمة التداول، فقد شغل قطاع الاتصالات المرتبة الأولى، إذ بلغت نسبة قيمة تداولاته إلى السوق 29.74% بقيمة إجمالية بلغت 23.33 مليون د.ك. تقريباً، وجاء قطاع البنوك في المرتبة الثانية، حيث بلغت نسبة قيمة تداولاته إلى السوق 21.25% وبقيمة إجمالية بلغت 16.68 مليون د.ك. تقريباً، أما المرتبة الثالثة فشغلها قطاع الخدمات المالية، إذ بلغت قيمة الأسهم المتداولة للقطاع 12.44 مليون د.ك.، شكلت حوالي 15.85% من إجمالي تداولات السوق.