واصل سوق الكويت للأوراق المالية تسجيله للخسائر المتتالية للأسبوع الثالث على التوالي، إذ أنهت مؤشراته الثلاثة تعاملات الأسبوع المنقضي في المنطقة الحمراء على وقع استمرار سيطرة بعض العوامل السلبية على معنويات المتداولون الذين اتجهوا إلى عمليات البيع العشوائية التي شملت الكثير من الأسهم المدرجة، لاسيما القيادية منها والتشغيلية، الأمر الذي أدى إلى تراجع المؤشر السعري في إحدى الجلسات اليومية من الأسبوع الماضي إلى أدنى مستوى له من أكثر من 11 سنة، وتحديداً منذ شهر يوليو من عام 2004، فيما وصل مؤشر كويت 15 مع نهاية الأسبوع المنقضي إلى أدنى مستوى له على الإطلاق، وذلك منذ بدء تطبيقه في عام 2012.
هذا وعلى الرغم من دخول صفقة (فيفا) في مراحل متقدمة، حيث أعلنت شركة الاتصالات السعودية (STC) عن موافقة هيئة أسواق المال الكويتية على الصفقة، وتقديمها عرض رسمي إلى شركة الاتصالات الكويتية (فيفا) للاستحواذ على نسبة 74% من أسهمها بسعر 1 دينار كويتي لكل سهم، إلا أن السوق لم يبد تأثراً إيجابياً بذلك، واستمرت مؤشراته في تسجيل الخسائر المتتالية، وهو الأمر الذي يثبت أن صفقة (فيفا) لن تكون كافية لدعم السوق في المرحلة الحالية التي تشهد فيها العديد من الشركات المدرجة والأوضاع الاقتصادية المحلية بشكل عام مزيداً من التعثر.
وفي هذا الصدد، قال وزير الخارجية الأسبق (الشيخ محمد صباح السالم الصباح) في محاضرة ألقاها في ورشة عمل بعنوان (لعنة الموارد النفطية) أن بعض الدول في منظمة (أوبك) تتمتع بأعلى دخل للفرد على مستوى العالم، إلا أنها تشارك بقية الدول النامية في العديد من مظاهر التخلف الاقتصادي كعدم المرونة في الهيكل الاقتصادي ووجود سوق عمالة غير متكاملة، مضيفاً أن القطاع النفطي يعتبر بالنسبة لدول (أوبك) المصدر الرئيسي للإيرادات والعملات الأجنبية، فأخذت تلك الدول تعتمد على النفط اعتماداً شبه كلياً، فبدأت كثير منها تتعاطى العقاقير النفطية بجرعات كبيرة غير عابئة بخطر الإدمان عليها!. وأضاف أن الإنفاق الحكومي في الكويت ارتفع بشكل سريع منذ أواخر السبعينات، إذ زاد ما يخص الفرد من الإنفاق الحكومي من 406 دنانير سنوياً في السنة المالية 1969/1970 إلى حوالي 1800 دينار في السنة المالية 1979/1980، وواكب ذلك ازدياد متوسط الأجور في القطاع العام بنسبة تزيد عن 80% ما بين عامي 1972 و 1978.
ويبدو أن اعتماد الدولة على العوائد النفطية منذ العديد من السنوات أصبح مرضاً مستعصياً يصعب على الحكومة معالجته بعد أن ظل عادة متكررة في العقود الماضية، وعلى الرغم من ذلك فإن الفرصة لازالت متاحة أمام الحكومة لمعالجة أخطائها السابقة والمضي قدماً في إصلاح الأوضاع الاقتصادية المحلية، فالمشكلة تتمثل في لامبالاة الدولة في السعي إلى خلق مصادر دخل بديلة عن النفط، والحل الذي كان لزاماً على الحكومة أن تستغل السيولة القادمة من الثورة النفطية في إقامة المشاريع التنموية ذات العائد، وأن تتجه إلى تنويع مصادر الدخل، هذا بالإضافة إلى تخليها عن بعض الخدمات التي تحتكرها في الكثير من القطاعات الاقتصادية لحساب القطاع الخاص.
على صعيد آخر، قرر مجلس الاحتياطي الفدرالي الأمريكي خلال الأسبوع الماضي رفع سعر الفائدة البنكية بمقدار ربع نقطة مئوية من 0.25% إلى 0.5% للمرة الأولى خلال 10 سنوات، كما تبع ذلك قرار البنك المركزي الكويتي برفع مماثل لسعر الخصم بمقدار ربع نقطة مئوية ليصبح 2.25% بدلاً من 2%، وقال محافظ بنك الكويت المركزي أن “هذا القرار جاء في إطار حرص البنك الراسخ والمستمر على ضمان تنافسية وجاذبية العملة الوطنية باعتبارها الوعاء الأساسي للمدخرات الوطنية، وبما يساهم في ترسيخ الأجواء الداعمة لتمكين قطاعات الاقتصاد الوطني من تجاوز تحديات المرحلة الحالية”.
وتجدر الإشارة إلى أن رد الفعل السريع الذي أبداه (بنك الكويت المركزي) بشأن رفع أسعار الفائدة بعد دقائق معدودة من رفع (الاحتياطي الفدرالي الأمريكي) لسعر الفائدة يثير الدهشة والاستغراب والكثير من التساؤلات، إذ ليس هناك مقارنة بين الاقتصادين الأمريكي والكويتي، فالأول يتمتع بمؤشرات تدل على قوته، على عكس الاقتصاد المحلي الذي يعاني من الكثير من نقاط الضعف، كما أن نسبة الفائدة الأمريكية كانت تقارب الصفر بينما في الكويت 2%، وقرار المركزي الأمريكي برفعها ربع نقطة مئوية يعتبر رفع رمزي لأن الاقتصاد الأمريكي يعتبر في حالة نمو، وما يثبت ذلك أن (الفدرالي الأمريكي) نفسه قام برفع توقعاته للنمو الاقتصادي في 2016 من 2.3% إلى 2.4%، في حين أن رفع الكويت لأسعار الفائدة في الوقت الراهن سيؤدي إلى إحباط السوق ومزيد من التراجع لأن الاقتصاد الوطني يشهد تراجعات تاريخية بسبب الانخفاضات الواضحة التي تسجلها أسعار النفط ومؤشر سوق الكويت للأوراق المالية الذي يعتبر مرآة لوضع الاقتصاد المحلي؛ كما أن الكويت لم تقم بخفض أسعار الفائدة حينما قام البنك المركزي الأمريكي بخفضها إلى مستويات قريبة من الصفر خلال عام 2008، بينما الآن يقرر المركزي الكويتي رفعها بالتزامن مع قرار الفدرالي الأمريكي!.
وبالعودة إلى تداولات سوق الكويت للأوراق المالية خلال الأسبوع الماضي، فقد أغلقت مؤشراته الثلاثة في المنطقة الحمراء للأسبوع الثالث على التوالي، وذلك على وقع استمرار العوامل السلبية في السيطرة على توجهات المتداولون في السوق، خاصة في ظل الهبوط المتواصل لأسعار النفط والتوقعات المستقبلية السلبية لهذه الأسعار، وقد سجل السوق خسائره في ظل موجة البيع التي يشهدها منذ فترة، والتي تشمل الكثير من الأسهم في مختلف القطاعات، وخاصة الأسهم القيادية في قطاعي الاتصالات والسلع الاستهلاكية، واللذان كانا الأكثر تراجعا بين كافة قطاعات السوق خلال الأسبوع الماضي.
وعلى صعيد التداولات اليومية للسوق، فقد شهد في جلسة بداية الأسبوع تبايناً لجهة إغلاق مؤشراته الثلاثة، حيث لم يتمكن من تحقيق الارتفاع سوى مؤشر كويت 15 الذي حقق مكاسب بسيطة على وقع عمليات الشراء الانتقائية التي تركزت على بعض الأسهم الثقيلة، فيما تراجع المؤشرين الوزني والسعري، لاسيما الأخير الذي سجل خسارة واضحة نتيجة استمرار الضغوط البيعية القوية التي تركزت على الأسهم الصغيرة والمتوسطة، بالإضافة إلى عمليات المضاربة النشطة المستمرة منذ عدة أسابيع. أما في الجلسة التالية، فقد وقع السوق تحت تأثير استمرار الضغوط البيعية القوية ما أدى إلى تراجع معظم الأسهم التي تم تداولها خلال الجلسة، الأمر الذي أدى إلى انخفاض مؤشرات لاسوق الثلاثة بشكل كبير ووصول المؤشر السعري إلى أدنى مستوى إغلاق له منذ 2004، وقد جاء ذلك في ظل ارتفاع مستويات السيولة بنسبة تخطت الـ 50%.
أما في جلستي الثلاثاء والأربعاء، فقد تمكن السوق بنهايتهما من تحقيق الارتفاع لمؤشراته الثلاثة وإن بنسب محدودة، وقد جاء ذلك بدعم من عودة عمليات الشراء على بعض الأسهم القيادية التي انخفضت أسعارها ووصلت إلى مستويات مغرية للشراء، بالإضافة إلى عمليات المضاربة السريعة التي تركزت على عدد من الأسهم الصغيرة. هذا ولم يتمكن السوق في الجلسة الأخيرة من الأسبوع من مواصلة أداءه الإيجابي الذي شهده في الجلستين السابقتين، لينهيها مسجلاً خسائر متفاوتة لمؤشراته الثلاثة، وذلك وسط انخفاض مؤشرات التداول بشكل ظاهر، لاسيما السيولة تراجعت مع نهاية الجلسة بأكثر من 35%.
هذا ووصلت القيمة الرأسمالية لسوق الكويت للأوراق المالية في نهاية الأسبوع الماضي إلى 25.40 مليار د.ك. بتراجع نسبته 1.77% مقارنة مع مستواها في الأسبوع قبل السابق، والذي كان 25.86 مليار د.ك. أما على الصعيد السنوي، فقد سجلت القيمة الرأسمالية للشركات المدرجة في السوق تراجعاً بنسبة بلغت 9.21% عن قيمتها في نهاية عام 2014، حيث بلغت وقتها 27.98 مليار د.ك.
وأقفل المؤشر السعري مع نهاية الأسبوع عند مستوى 5,623.69 نقطة، مسجلاً انخفاضاً نسبته 1.10% عن مستوى إغلاقه في الأسبوع قبل الماضي، فيما سجل المؤشر الوزني خسارة نسبتها 1.19% بعد أن أغلق عند مستوى 381.40 نقطة، وأقفل مؤشر كويت 15 عند مستوى 902.16 نقطة، بخسارة نسبتها 1.38% عن إغلاقه في الأسبوع قبل الماضي. هذا وقد شهد السوق تراجع في المتوسط اليومي لقيمة التداول بنسبة بلغت 6.57% ليصل إلى 12.43 مليون د.ك. تقريباً، في حين سجل متوسط كمية التداول انخفاضاً نسبته 14.89%، ليبلغ 95.05 مليون سهم تقريباً.
على صعيد الأداء السنوي لمؤشرات السوق الثلاثة، فمع نهاية الأسبوع الماضي سجل المؤشر السعري تراجعاً عن مستوى إغلاقه في نهاية العام المنقضي بنسبة بلغت 13.95%، بينما بلغت نسبة تراجع المؤشر الوزني منذ بداية العام الجاري 13.10%، في حين وصلت نسبة انخفاض مؤشر كويت 15 إلى 14.89%، مقارنة مع مستوى إغلاقه في نهاية 2014.
مؤشرات’ القطاعات
تداولات’ القطاعات
أما لجهة قيمة التداول، فقد شغل قطاع الاتصالات المرتبة الأولى، إذ بلغت نسبة قيمة تداولاته إلى السوق 30.72% بقيمة إجمالية بلغت 19.10 مليون د.ك. تقريباً، وجاء قطاع البنوك في المرتبة الثانية، حيث بلغت نسبة قيمة تداولاته إلى السوق 25.14% وبقيمة إجمالية بلغت 15.63 مليون د.ك. تقريباً، أما المرتبة الثالثة فشغلها قطاع العقار، إذ بلغت قيمة الأسهم المتداولة للقطاع 7.96 مليون د.ك.، شكلت حوالي 12.81% من إجمالي تداولات السوق.