استقبل سوق الكويت للأوراق المالية عام 2016 باللون الأحمر وسجلت مؤشراته الثلاثة خسائ متباينة في نهاية الأسبوع الأول من العام تزامناً مع الخسائر التي منيت بها معظم مؤشرات أسواق الأسهم الخليجية الأخرى على وقع تداعيات التأزيم السياسي الذي تشهده المنطقة هذه الفترة، حيث أدى اشتداد الأزمة السعودية الإيرانية إلى قلق الأوساط الاستثمارية والاقتصادية، خاصة بعد قطع بعض الدول العربية علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، وهو الأمر الذي من شأنه أن يثير الكثير من التخوفات نظراً للارتباط الوثيق بين الأسواق المالية والأوضاع السياسية المحيطة بها.

هذا وشهد السوق خلال الأسبوع الماضي تراجع نشاط التداول فيه بالمقارنة مع تعاملات الأسبوع الأخير من العام 2015، لاسيما السيولة المتداولة التي انخفضت في جلسة يوم الأربعاء السابق بشكل لافت، حيث بلغت 6.66 مليون دينار كويتي، وهو أدنى مستوى لها منذ ما يقرب من عام ونصف العام تقريباً. وتجدر الإشارة إلى أن تراجع مستويات السيولة في السوق يعود إلى افتقاد الكثير من المستثمرين لثقتهم في عودة السوق إلى سابق عهده، فضلاً عن حالة القلق والحذر التي تنتاب العديد من المستثمرين هذه الفترة وعزوف بعضهم عن الاستثمار نتيجة استمرار أزمة انخفاض أسعار النفط الحالية، وتأثيراتها المتوقعة على الاقتصاد المحلي، خاصة في ظل عدم وجود رؤية حكومية واضحة (حتى الآن) أو خطة محددة تهدف إلى إنقاذ الاقتصاد الوطني من تداعيات تدهور أسعار النفط منذ أكثر من عام ونصف، حيث هبط سعر برميل النفط في السوق العالمي خلال الأسبوع المنقضي إلى أدنى مستوى له منذ عام 2004. من جهة أخرى، يشهد سوق الكويت للأوراق المالية حالة عامة من الترقب، انتظاراً لإعلان الشركات المدرجة عن نتائجها المالية للعام 2015، والتي من المتوقع أن يتم الإعلان عنها خلال الأسابيع القليلة القادمة.

وبمقارنة أداء السوق الكويتي مع أسواق الأسهم الخليجية خلال الأسبوع المنقضي، فقد شغل المرتبة الخامسة في ترتيب تلك الأسواق من حيث نسبة الخسائر المسجلة، حيث أنهت جميعها تعاملات الأسبوع مسجلة خسائر متباينة تراوحت بين 1% و9%، وذلك بقيادة السوق المالية السعودية وبورصة قطر اللذان كانا الأكثر خسارة مع نهاية الأسبوع، في حين كان سوق مسقط وبورصة البحرين هما الأقل خسارة. وفيما يلي جدول يبين أداء أسواق الأسهم الخليجية خلال الأسبوع الأول من العام 2016

على الصعيد الاقتصادي، أعادت وزارة المالية تشكيل اللجنة العليا لإصلاح الإدارة المالية العامة، في ضوء الصعوبات التي تواجهها الموازنة العامة للدولة، وذلك برئاسة وزير المالية (أنس الصالح)؛ وتختص اللجنة بالإشراف والمتابعة المستمرة لتنفيذ الإجراءات اللازمة لتحقيق الغايات المستهدفة بوثيقة استراتيجية الإصلاح التي أعدها البنك الدولي، ومن بينها الحد من الهدر في الإنفاق العام.

هذا ونأمل أن تجد اللجنة السبيل لتحقيق هدف إصلاح السياسات الاقتصادية للدولة، والتي أثبتت عجزها عن القيام بالإصلاحات المطلوبة على مر السنوات الماضية، وأن تعمل على تنفيذ توصيات البنك الدولي وصندوق النقد والمؤسسات الاقتصادية العالمية والمحلية التي قدمت على مر السنوات الماضية توصيات كثيرة كان مصير معظمها أدراج الملفات، وذلك من خلال وضع برنامج محدد بخطة زمنية معلنة، وكذا المضي قدماً في تحقيق الإصلاح الاقتصادي المؤمول، لاسيما في ظل انخفاض أسعار النفط الذي أدى إلى تراجع إيرادات الدولة بشكل واضح، وانعكس سلباً على كافة القطاعات الاقتصادية في الدولة بما فيها سوق الكويت للأوراق المالية.

وفي هذا الصدد، أصدرت مؤسسة (أكسفورد بزنس غروب) البريطانية للاستشارات خلال الأسبوع المنقضي تقريراً اقتصادياً عن الكويت أشارت فيه إلى أن انخفاض أسعار النفط قد أثر فعلياً في الناتج المحلي الإجمالي للدولة، إذ ستسجل عجزاً بنسبة 4.4% في السنة المالية الحالية، وذلك بعد أن حققت فوائض مالية نسبتها 11.7% في السنة المالية 2013/2014. وأضافت المؤسسة أنه على الرغم من وجود نية لترشيد الإنفاق في الميزانية، لاسيما الحديث عن إلغاء الدعم عن الوقود وزيادة رسوم الكهرباء والماء وغيرها من الأبواب التي تتضمنها الميزانية، إلا أن ذلك لن يمنع حدوث انخفاض في الحساب الجاري للكويت ليسجل ما نسبته 8.9% من إجمالي الناتج المحلي للعامين الماضي والحالي. هذا وقد أكدت المؤسسة أن المشاريع التنموية وتطوير عدة قطاعات اقتصادية بما يؤدي إلى تنويع مصادر الدخل، وجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية للبلاد، وتشجيع القطاع الخاص لأخذ دور أكبر في الاقتصاد الوطني، كل ذلك سيكون هو القائد للنمو في العام 2016، وسيؤدي ذلك (بحسب رؤية المؤسسة) إلى بناء اقتصاد قوي واستمرار النمو في العام الجاري.

وبالعودة إلى أداء سوق الكويت للأوراق المالية خلال الأسبوع المنقضي، فقد اجتمعت مؤشراته الثلاثة على الإغلاق في المنطقة الحمراء، وذلك على إثر استمرار عمليات البيع العشوائية في السيطرة على حركة التداول، حيث شملت العديد من الأسهم التي تم التداول عليها خلال الأسبوع، وعلى رأسها الأسهم القيادية والتشغيلية، مما انعكس سلباً على كافة مؤشرات السوق، وخاصة المؤشر السعري الذي أنهى تداولات الأسبوع المنقضي عند أدنى مستوى له منذ منتصف عام 2004 تقريباً. وقد شهد السوق هذا الأداء بالتزامن مع حالة الترقب والحذر التي تسيطر على العديد من المستثمرين هذه الأيام انتظاراً لنتائج الشركات المدرجة عن عام 2015. من جهة أخرى أدى تراجع أسعار العديد من الأسهم خلال تداولات الأسبوع الماضي إلى خسارة القيمة الرأسمالية للسوق أكثر من 600 مليون دينار كويتي خلال أربع جلسات فقط، لتصل إلى 24.66 مليار دينار كويتي، بالمقارنة مع 25.27 مليار دينار كويتي مع نهاية الأسبوع قبل الماضي.

هذا وقد استهل السوق أولى جلسات الأسبوع على تراجع لجهة إغلاق مؤشراته الثلاثة في ظل ضغوط بيعية قوية شملت الكثير من الأسهم القيادية والصغيرة، وذلك وسط تباين المتغيرات اليومية لنشاط التداول، حيث ارتفع عدد الأسهم المتداولة بشكل واضح مع نهاية الجلسة، فيما سجلت قيمة التداول تراجعاً محدوداً. في حين واصل السوق تسجيل الخسائر لمؤشراته في الجلسة التالية، متأثراً باستمرار عمليات البيع التي تعد هي السمة الرئيسية التي تميز تداولات السوق هذه الفترة.

أما في جلسة يوم الأربعاء، فقد شهد السوق أداءً متبايناً حيث استمر المؤشر السعري في تسجيل الخسائر للجلسة الثالثة على التوالي منذ بداية العام الجديد، في حين تمكن المؤشرين الوزني وكويت 15 من تعويض جزء بسيط من خسائرهما بدعم من عمليات الشراء الانتقائية التي نفذت على عدد من الأسهم القيادية. والجدير بالذكر أن مستوى السيولة المتداولة في السوق قد سجل تراجعاً لافتاً بلغت نسبته 41.80% بالمقارنة مع جلسة يوم الثلاثاء، ليبلغ 6.66 مليون دينار كويتي فقط. هذا وقد عاد السوق في جلسة نهاية الأسبوع إلى الاجتماع على الإغلاق في المنطقة الحمراء، حيث جاء ذلك وسط نمو قيمة التداول بشكل واضح خلال الجلسة، حيث وصلت نسبة ارتفاعها إلى 169% مقارنة مع الجلسة السابقة.

وأقفل المؤشر السعري مع نهاية الأسبوع عند مستوى 5,475.15 نقطة، مسجلاً انخفاضاً نسبته 2.49% عن مستوى إغلاقه في الأسبوع قبل الماضي، فيما سجل المؤشر الوزني تراجعاً نسبته 2.53% بعد أن أغلق عند مستوى 372.05 نقطة، وأقفل مؤشر كويت 15 عند مستوى 876.45 نقطة، بانخفاض نسبته 2.66% عن إغلاقه في الأسبوع قبل الماضي. هذا وقد شهد السوق نمو المتوسط اليومي لقيمة التداول بنسبة بلغت 8.83% ليصل إلى 11.10 مليون د.ك. تقريباً، في حين سجل متوسط كمية التداول تراجعاً نسبته 12.87%، ليبلغ 105.87 مليون سهم تقريباً.

مؤشرات’ القطاعات

سجلت جميع قطاعات سوق الكويت للأوراق المالية تراجعاً لمؤشراتها بنهاية الأسبوع الماضي باستثناء قطاع التكنولوجيا، حيث حقق مؤشره ارتفاعاً نسبته 1.41%، وذلك بعد أن أغلق عند مستوى 831.71 نقطة. هذا وقد تصدر قطاع الخدمات المالية القطاعات التي سجلت تراجعاً، إذ انخفض مؤشره بنسبة بلغت 3.65%، مغلقاً عند مستوى 573.65 نقطة، فيما شغل قطاع المواد الأساسية المرتبة الثانية بعد أن تراجع مؤشره بنسبة بلغت 3.38%، منهياً تداولات الأسبوع عند مستوى 953.01 نقطة، في حين شغل قطاع العقار المرتبة الثالثة بعد أن أغلق مؤشره عند مستوى 908.95 نقطة، مسجلاً انخفاضاً بلغت نسبته 3.38%، أما أقل القطاعات تراجعاً فكان قطاع التأمين، إذ أقفل عند مستوى 1,123.66 نقطة، مسجلاً انخفاضاً نسبته 0.30%.

تداولات’ القطاعات

شغل قطاع الخدمات المالية المركز الأول لجهة حجم التداول خلال الأسبوع الماضي، إذ بلغ عدد الأسهم المتداولة للقطاع 176.85 مليون سهم تقريباً، شكلت 41.76% من إجمالي تداولات السوق، فيما شغل قطاع العقار المرتبة الثانية، إذ تم تداول نحو 103.68 مليون سهم للقطاع، أي ما نسبته 24.48% من إجمالي تداولات السوق، أما المرتبة الثالثة فكانت من نصيب قطاع البنوك والذي بلغت نسبة حجم تداولاته إلى السوق 20.13% بعد أن وصل إلى 85.26 مليون سهم.

أما لجهة قيمة التداول، فقد شغل قطاع البنوك المرتبة الأولى، إذ بلغت نسبة قيمة تداولاته إلى السوق 38.36% بقيمة إجمالية بلغت 17.04 مليون د.ك. تقريباً، وجاء قطاع الخدمات المالية في المرتبة الثانية، حيث بلغت نسبة قيمة تداولاته إلى السوق 20.52% وبقيمة إجمالية بلغت 9.11 مليون د.ك. تقريباً، أما المرتبة الثالثة فشغلها قطاع السلع الاستهلاكية، إذ بلغت قيمة الأسهم المتداولة للقطاع 4.79 مليون د.ك.، شكلت حوالي 10.77% من إجمالي تداولات السوق.