واصل سوق الكويت للأوراق المالية تسجيل المكاسب الجماعية لمؤشراته الثلاثة للأسبوع الثاني على التوالي، حيث وصل المؤشر السعري خلال الأسبوع السابق إلى أعلى مستوى له منذ منتصف شهر يناير الماضي تقريباً، وذلك في ظل موجة الشراء النشطة التي استهدفت العديد من الأسهم المدرجة سواء القيادية أو الصغيرة، وسط سيطرة حالة من التفاؤل على معنويات المتداولين في ضوء الارتفاعات القوية التي سجلتها أسعار النفط خلال الأسبوع، إذ وصل سعر البرميل إلى أعلى مستوى له خلال العام الجاري بفعل ظهور مؤشرات على زيادة الطلب، حيث رفعت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط خلال عام 2016 بمقدار 10 آلاف برميل يومياً، هذا بالإضافة إلى الأنباء التي تتوارد هذه الفترة عن احتمال اتخاذ الدول المصدرة للنفط قراراً بتجميد الإنتاج النفطي خلال اجتماعها الذي سيعقد اليوم في الدوحة، الأمر الذي قد ينعكس إيجاباً على أسعار النفط في المستقبل القريب.
وعلى الرغم من المكاسب التي حققتها البورصة في الفترة الأخيرة، إلا أن أدائها بشكل عام لا يزال ضمن النطاق السلبي في ظل ضعف السيولة واستمرار ظاهرة انسحاب الشركات المدرجة وعدم وجود عوامل دعم حقيقية تسهم في إنعاش مؤشراتها، إضافة إلى بطء الدولة في اتخاذ خطوات تنفيذية جادة لمعالجة آثار انخفاض أسعار النفط على الاقتصاد المحلي الذي تأثر كثيراً في الفترة الأخيرة، ليس بسبب تراجع أسعار النفط فحسب، وإنما لاستمرار تجاهل الحكومة لنصائح الكثير من الجهات الاقتصادية المرموقة بشأن دعم شركات القطاع الخاص وإصلاح العديد من الاختلالات الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد سبباً مهماً لما آل إليه وضع الاقتصاد المحلي بشكل عام وسوق الكويت للأوراق المالية بشكل خاص، فالكثير من الدول المصدرة للنفط تشارك الكويت في تأثرها بتراجع الأسعار، إلا أن أسواق الأسهم فيها لم تصل إلى ما وصل إليه السوق الكويتي، وذلك بفضل الاجراءات الجادة التي اتخذتها حكومات هذه الدول بهدف التخفيف من آثار تراجع أسعار النفط على أوضاعها الاقتصادية؛ لذا فإن استمرار صعود البورصة وتحسن مستويات السيولة فيها مرهون بسرعة تنفيذ الدولة لبعض الإجراءات والتدابير السريعة التي من شأنها أن تعيد الثقة المفقودة في السوق مرة أخرى، ومنها الإسراع في تطبيق نظام صانع السوق الذي لطالما نادينا به في السنوات الماضية، بالإضافة إلى تنازل الحكومة عن تقديم بعض الخدمات التي تحتكرها لصالح القطاع الخاص وتفعيل دوره في النشاط الاقتصادي.
على الصعيد الاقتصادي، أصدر نائب رئيس الوزراء ووزير المالية خلال الأسبوع الماضي قراراً بتشكيل لجنة عليا لمتابعة تنفيذ وثيقة الإجراءات الداعمة لمسار الإصلاح المالي والاقتصادي، حيث يأتي هذا القرار بناءً على قرار مجلس الوزراء بتكليف وزير المالية بالإشراف على تنفيذ الإصلاحات المستحقة في وثيقة الإصلاح. هذا وقد عقدت اللجنة أولى اجتماعاتها ووضعت خطة عمل وفق جدول زمني محدد يكفل تحقيق متطلبات الوثيقة من إجراءات ومشاريع تنموية، مع الأخذ في الاعتبار إحاطة مجلس الوزراء بتقرير شهري يتضمن ما تم تنفيذه في الخطة وما يستجد بها.
ومما لا شك فيه أن تكرار تشكيل لجان (عديمة الجدوى) لمتابعة الإصلاح الاقتصادي بات أمراً غير محبذاً في الوقت الراهن نظراً لعدم تحقيق معظم اللجان السابقة للأهداف التي تم إنشاءها من أجلها، فالإصلاح الاقتصادي لا يتحقق من خلال تشكيل لجان اقتصادية أو ما شابه ذلك، بل يحتاج إلى قرارا سريع وجريء بشأن تغيير السياسة الاقتصادية العامة للدولة والبدء بمعالجة المشكلة من جذورها، فالمشكلة تكمن في أن الاقتصاد الوطني يعتبر اقتصاداً ريعياً يعتمد على مصدر شبه وحيد، وهي المعضلة التي كان يجب أن تعالج منذ سنوات عدة من خلال استغلال الفوائض المالية الضخمة التي كانت تحققها ميزانية الدولة في خلق مصادر دخل إضافية، وهو الأمر الذي لم تتجه إليه الدولة للأسف على الرغم من إلحاح بعض الجهات، لذلك فمن الضروري الآن أن تسلك الحكومة طريق الإصلاح الاقتصادي ضمن برنامج زمني متكامل ومتزامن في التنفيذ بدلاً من تشكيل لجان لا تسمن ولا تغني من جوع.
وبالعودة إلى أداء سوق الكويت للأوراق المالية خلال الأسبوع المنقضي، فقد تمكنت مؤشراته الثلاثة من تحقيق ارتفاع جماعي للأسبوع الثاني على التوالي، ولاسيما المؤشر السعري الذي استطاع أن يصل في إحدى جلسات الأسبوع إلى أعلى مستوى إقفال له منذ ثلاثة أشهر تقريباً، وذلك بدعم من عمليات الشراء والمضاربات التي نفذت على العديد من الأسهم المدرجة في السوق، بالإضافة إلى الدعم المعنوي الذي جاء نتيجة ارتفاع أسعار النفط خلال الأسبوع.
وقد حقق السوق هذا الأداء على الرغم من حالة الترقب والحذر التي تهيمن على الكثير من المتداولين انتظاراً لإفصاح الشركات المدرجة عن نتائجها المالية لفترة الربع الأول من العام الجاري، والتي من المنتظر أن يتم الإعلان عنها تباعاً في الأسابيع القليلة القادمة.
وعلى صعيد التداولات اليومية، فقد استهل السوق أولى جلسات الأسبوع المنقضي محققاً ارتفاعاً جيداً لمؤشراته الثلاثة بدعم من المضاربات السريعة على الأسهم الصغيرة بشكل خاص، بالإضافة إلى عمليات الشراء الانتقائية التي شملت بعض الأسهم القيادية، وخاصة في قطاع البنوك. فيما شهد السوق في الجلسة التالية تبايناً لجهة إغلاق مؤشراته الثلاثة، حيث واصل المؤشرين السعري والوزني ارتفاعهما نتيجة استمرار التداولات المضاربية على الأسهم الصغيرة، في حين سجل مؤشر كويت 15 خسائر بسيطة على إثر عمليات جني الأرباح التي تعرض لها عدد محدود من الأسهم الثقيلة. أما في جلسة يوم الثلاثاء، فقد غلبت عمليات جني الأرباح على أداء السوق خلال أغلب أوقات تلك الجلسة، الأمر الذي أدى إلى تراجع مؤشراته الثلاثة، وإن كان بشكل بسيط، حيث شهدت العديد من الأسهم عمليات بيع جزئية بهدف تأسيس مراكز سعرية جديدة، خاصة بعد الارتفاعات الجيدة التي سجلتها في الجلسات السابقة.
هذا وقد تمكن السوق في الجلسة التالية من العودة مرة أخرى إلى المنطقة الخضراء، واستطاعت مؤشراته الثلاثة أن تحقق نمواً جيداً لتعوض خسائرها التي سجلتها في الجلسة السابقة، وذلك بدعم من عودة التداولات النشطة وعمليات الشراء القوية على الأسهم القيادية والثقيلة، إضافة إلى استمرار المضاربات السريعة على بعض الأسهم الصغيرة. وفي جلسة نهاية الأسبوع، شهد السوق عمليات جني أرباح بسيطة على عدد من الأسهم الصغيرة تسببت في تراجع مؤشره السعري بنسبة محدودة، فيما تمكن المؤشرين الوزني وكويت 15 من مواصلة أدائهما الإيجابي معززان بذلك من مكاسبهما الأسبوعية.
هذا ووصلت القيمة الرأسمالية للسوق في نهاية الأسبوع الماضي إلى 23.69 مليار د.ك. بارتفاع نسبته 1% مقارنة مع مستواها في الأسبوع قبل السابق، حيث بلغت آنذاك 23.54 مليار د.ك.، أما على الصعيد السنوي، فقد انخفضت القيمة الرأسمالية للشركات المدرجة في السوق بنسبة بلغت 6.50% عن قيمتها في نهاية عام 2015، حيث بلغت وقتها 25.27 مليار د.ك.
وأقفل المؤشر السعري مع نهاية الأسبوع الماضي عند مستوى 5,300.51 نقطة، مسجلاً ارتفاعاً نسبته 1.34% عن مستوى إغلاقه في الأسبوع قبل الماضي، فيما سجل المؤشر الوزني ارتفاعاً نسبته 1.12% بعد أن أغلق عند مستوى 365.07 نقطة، وأقفل مؤشر كويت 15 عند مستوى 863.14 نقطة، بنمو نسبته 1.20% عن إغلاقه في الأسبوع قبل الماضي. هذا وقد شهد السوق ارتفاعاً في المتوسط اليومي لقيمة التداول بنسبة بلغت 30.41% ليصل إلى 16.43 مليون د.ك. تقريباً، في حين سجل متوسط كمية التداول نمواً نسبته 33.45%، ليبلغ 248.27 مليون سهم تقريباً.
وعلى صعيد الأداء السنوي لمؤشرات السوق الثلاثة، فمع نهاية الأسبوع الماضي سجل المؤشر السعري تراجعاً عن مستوى إغلاقه في نهاية العام المنقضي بنسبة بلغت 5.60%، بينما بلغت نسبة تراجع المؤشر الوزني منذ بداية العام الجاري 4.36%، ووصلت نسبة انخفاض مؤشر كويت 15 إلى 4.14%، مقارنة مع مستوى إغلاقه في نهاية 2015.
مؤشرات’ القطاعات
سجلت ثمانية من قطاعات سوق الكويت للأوراق المالية نمواً في مؤشراتها بنهاية الأسبوع الماضي، فيما تراجعت مؤشرات القطاعات الأربعة الباقية، وجاء قطاع الخدمات المالية في مقدمة القطاعات التي سجلت نمواً حيث أغلق مؤشره مرتفعاً بنسبة 3.67% بعدما وصل إلى 590.49 نقطة، تبعه في المرتبة الثانية قطاع الرعاية الصحية الذي أنهى مؤشره تداولات الأسبوع عند مستوى 957.04 نقطة مرتفعاً بنسبة بلغت 3.23%، تبعه في المرتبة الثالثة قطاع المواد الأساسية الذي أنهى مؤشره تداولات الأسبوع عند مستوى 968.21 نقطة مرتفعاً بنسبة 3.05%، أما أقل القطاعات تسجيلاً للارتفاع فكان قطاع الخدمات الاستهلاكية الذي أغلق مؤشره عند 923.15 نقطة مسجلاً زيادة نسبتها 0.09%.
من ناحية أخرى، تصدر قطاع النفط والغاز القطاعات التي سجلت انخفاضاً، حيث أغلق مؤشره عند 762.32 نقطة منخفضاً بنسبة 4.26%، في حين شغل قطاع التكنولوجيا المرتبة الثانية، إذ تراجع مؤشره بنسبة بلغت 1.30% مغلقاً عند مستوى 941.80 نقطة. أما أقل القطاعات تراجعاً فكان قطاع الاتصالات، والذي انخفض مؤشره بنسبة بلغت 0.10% مغلقاً عند مستوى 616.88 نقطة.
تداولات’ القطاعات
شغل قطاع الخدمات المالية المركز الأول لجهة حجم التداول خلال الأسبوع الماضي، إذ بلغ عدد الأسهم المتداولة للقطاع 539.67 مليون سهم تقريباً شكلت 43.47% من إجمالي تداولات السوق، فيما شغل قطاع العقار المرتبة الثانية، إذ تم تداول نحو 352.17 مليون سهم للقطاع أي ما نسبته 28.37% من إجمالي تداولات السوق، أما المرتبة الثالثة فكانت من نصيب البنوك والذي بلغت نسبة حجم تداولاته إلى السوق 8.55% بعد أن وصل إلى 106.10 مليون سهم.
أما لجهة قيمة التداول، فقد شغل قطاع الخدمات المالية المرتبة الأولى إذ بلغت نسبة قيمة تداولاته إلى السوق 29.81% بقيمة إجمالية بلغت 24.48 مليون د.ك. تقريباً، وجاء قطاع البنوك في المرتبة الثانية، حيث بلغت نسبة قيمة تداولاته إلى السوق 25.07% وبقيمة إجمالية بلغت 20.59 مليون د.ك. تقريباً، أما المرتبة الثالثة فشغلها قطاع العقار إذ بلغت قيمة الأسهم المتداولة للقطاع 14.54 مليون د.ك. شكلت حوالي 17.71% من إجمالي تداولات السوق.