وسط أداء باهت لمؤشراتها الرئيسية ومستويات سيولة متدنية، واصلت بورصة الكويت أداءها السلبي المستمر منذ فترة طويلة، وأنهت تداولات الأسبوع الماضي مسجلة خسائر متباينة لمؤشراتها الثلاثة، لاسيما المؤشر السعري الذي تأثر بعمليات جني الأرباح المكثفة التي استهدفت العديد من الأسهم المدرجة في السوق وعلى رأسها الأسهم الصغيرة. وقد جاء ذلك وسط انخفاض ملحوظ لمستويات التداول، خاصة السيولة النقدية التي انخفضت بشكل واضح ووصلت في إحدى جلسات الأسبوع إلى ثاني أدنى مستوى لها خلال العام الجاري، حيث بلغت حوالي 11.36 مليون دينار كويتي، كما وصل مؤشر السوق السعري إلى مستويات جديدة من التدني، حيث بلغ خلال الأسبوع أدنى مستوى له منذ شهرين تقريباً، وهو الحال نفسه الذي انطبق على نظيريه الوزني وكويت 15 واللذان وصلا خلال الأسبوع المنقضي إلى أدنى مستوياتهما منذ شهر يناير السابق.

ويأتي الأداء الباهت الذي تشهده البورصة المحلية هذه الفترة وتراجع السيولة النقدية فيها بهذا الشكل كنتيجة منطقية للغياب الواضح للمحفزات الإيجابية التي تساهم في تحسين معنويات المتداولين، خاصة في ظل عدم وجود إجراءات سريعة وفعلية تضمن معالجة التعثرات التي يعاني منها أغلب القطاعات الاقتصادية في الدولة ومنها السوق المالي (البورصة)، والذي يعد أول وأكثر المتأثرين بالأزمات التي شهدها ولازال يشهدها الاقتصاد الوطني في العقد الأخير وتحديداً منذ اندلاع الأزمة المالية العالمية في أواخر عام 2008.

على الصعيد الاقتصادي، نشر (صندوق النقد الدولي) خلال الأسبوع المنقضي تقريراً تحدث فيه عن الأزمة الاقتصادية في الكويت وضرورة تنفيذ إصلاحات اقتصادية جوهرية تساهم في تحسين البيئة الاقتصادية ومعالجة العجز المالي الذي تشهده الميزانية العامة في السنوات الأخيرة، حيث نصح الصندوق الكويت عبر تقريره الذي حمل عنوان (آفاق الاقتصاد الاقليمي) بضرورة مواصلة تصحيح الأوضاع المالية العامة في البلاد على اعتبار أنها ستظل مطلباً حيوياً خلال السنوات المقبلة، مؤكداً على أن نموذج التنمية الحالي القائم على إعادة توزيع الثروة من خلال الوظائف الحكومية وإعانات الدعم السخي لم يعد قابلاً للاستمرار، كما وجه الصندوق عبر تقريره رسائل هامة للدول المصدرة للنفط التي ستعاني بدورها من تباطؤ النمو في عام 2017 بسبب تخفيضات الانتاج النفطي، من أهمها ضرورة مواصلة التركيز على تنفيذ خططها للتنويع الاقتصادي والإصلاحات الهيكلية الداعمة بهدف تعزيز صلابة الاقتصاد.

وتجدر الإشارة إلى أن التعثرات المتكررة التي تشهدها الكويت على الصعيد الاقتصادي قد جاءت نتيجة عدم المبالاة و الاهمال المتواصل التي اتبعتها الحكومة في إدارة الاقتصاد المحلي، فأصبحت الكويت تعاني من العجز في الميزانية العامة، وأصبحت الدولة تبحث عن سد هذا العجز عبر الاقتراض وأدوات الدين، كما أصبح القطاع الخاص في الدولة يعاني من نقصان شديد في السيولة وشح واضح للفرص الاستثمارية مما كبد الكثير من الشركات خسائر طائلة، كما أدى ذلك أيضاً إلى تراجع جاذبية الكويت الاستثمارية، حيث أصبح المستثمر يفكر أكثر من مرة قبل الدخول إلى السوق الكويتي واستثمار أمواله فيه نتيجة عدم استقرار الوضع الاقتصادي وارتفاع مستويات المخاطرة في البيئة الاستثمارية في الدولة وشح وجود الأراضي؛ ولا شك أن كل ذلك كان من الممكن اجتنابه لو تم معالجة المشاكل الاقتصادية في وقت نشوبها وخاصة منذ عام 2008 مثلما فعلت معظم الدول المتحضرة، إذ كان يستوجب استغلال الفوائض المالية في إقامة مشروعات انتاجية كبرى تساهم في تنويع مصادر الدخل القومي بشكل حقيقي بدلاً من الاستمرار في سياسة الهدر التي ساهمت بشكل كبير في وجود هذا العجز وحدوث الأزمات الراهنة؛ أما الآن، فالرهان على الحكومة الحالية، فهل ستعي الدرس وتتمكن من الاستفادة من أخطاء الماضي، أم ستواصل نفس النهج العقيم؟!

وبالعودة إلى أداء بورصة الكويت خلال الأسبوع الماضي، فقد اجتمعت مؤشراتها الثلاثة على إنهاء تداولات الأسبوع في المنطقة الحمراء، حيث شهد السوق تزايد عمليات البيع وجني الأرباح على الكثير من الأسهم المدرجة وعلى رأسها الأسهم الصغيرة، وهو ما انعكس سلباً على أداء المؤشر السعري بشكل خاص والذي كان الأكثر خسارة مع نهاية الأسبوع مقارنة مع نظيريه الوزني وكويت 15. وقد جاء هذا الأداء في ظل انخفاض ملحوظ لمؤشرات التداول سواء على صعيد قيمة التداول أو عدد الأسهم المتداولة، واللذان وصلا في جلسة يوم الاثنين السابق إلى ثاني أدنى مستوى لهما خلال العام الجاري، وتحديداً منذ جلسة 2 يناير المنقضي. كما وصل المؤشر السعري إلى أدنى مستوى له منذ شهرين تقريباً، فيما وصلا المؤشرين الوزني وكويت 15 إلى أدنى مستوياتهما منذ شهر يناير السابق.

هذا ويشهد السوق ترقباً لنتائج الشركات المدرجة عن فترة الربع الأول من العام الجاري، والتي لم يعلن منها سوى 42 شركة فقط من أصل 177 شركة مدرجة في السوق الرسمي أي أن أكثر من 75% من عدد الشركات المدرجة لم يعلن بعد عن نتائجه على الرغم من مرور أكثر من شهر من المهلة القانونية المحددة للشركات والبالغة شهر ونصف الشهر. وقد حققت الشركات المعلنة ما يقرب من 330.71 مليون دينار كويتي أرباحاً صافية، بارتفاع نسبته 11.11% عن أرباح نفس الشركات لذات الفترة من العام 2016، حيث بلغت 297.63 مليون دينار كويتي.

وعلى صعيد التداولات اليومية، فقد استهلت بورصة الكويت تداولات أولى جلسات الأسبوع المنقضي على تباين لجهة إغلاق مؤشراتها الثلاثة، حيث سجل المؤشر السعري تراجعاً محدوداً نتيجة الضغوط البيعية وعمليات جني الأرباح التي نُفذت على بعض الأسهم الصغيرة، فيما تمكن المؤشرين الوزني وكويت 15 من تحقيق ارتفاعاً جيداً بنهاية الجلسة بدعم من عمليات الشراء الانتقائية التي استهدفت بعض الأسهم القيادية والتشغيلية وخاصة في قطاع البنوك. هذا وشهدت الجلسة التالية تراجع جميع مؤشرات السوق على إثر الخسائر التي سجلتها الكثير من الأسهم المدرجة سواء القيادية منها أو الصغيرة، وهو الأمر الذي انعكس سلباً على مستويات التداول التي سجلت تراجعاً ملحوظاً بنهاية الجلسة، حيث تراجعت قيمة التداول بنسبة 40% تقريباً، فيما انخفض عدد الأسهم المتداولة بنسبة 34% تقريباً.

أما في جلسة منتصف الأسبوع، فقد عادت مؤشرات البورصة إلى التباين مجدداً، حيث واصل المؤشر السعري تسجيل الخسائر للجلسة الثالثة على التوالي نتيجة استمرار عمليات البيع التي تستهدف الأسهم الصغيرة هذه الفترة، فيما رافقه المؤشر الوزني في المنطقة الحمراء بعد أن سجل خسارة طفيفة بنهاية الجلسة، في حين سبح مؤشر كويت 15 عكس التيار لينهي تعاملات الجلسة في المنطقة الخضراء نتيجة عمليات الشراء الجزئية التي تم تنفيذها على عدد من الأسهم القيادية.

هذا وقد تمكنت البورصة في جلسة يوم الأربعاء من كسر موجة التراجعات واستطاعت أن مؤشراتها الثلاثة أن تعود للمنطقة الخضراء من جديد، وذلك بدعم من عودة المضاربات النشطة، التي تركزت على الأسهم الصغيرة، في الظهور مرة أخرى، إضافة إلى عمليات التجميع التي شهدتها الأسهم القيادية، وجاء ذلك قبل أن يعود السوق مرة ثانية إلى منطقة الخسائر في جلسة الخميس، حيث سجلت جميع مؤشراته خسائر متباينة بنهاية الجلسة نتيجة عمليات جني الأرباح القوية التي طالت العديد من الأسهم.

هذا ووصلت القيمة الرأسمالية للسوق في نهاية الأسبوع الماضي إلى 26.51 مليار د.ك. بانخفاض نسبته 0.81% مقارنة مع مستواها في الأسبوع قبل السابق، حيث بلغت آنذاك 26.73 مليار د.ك.، أما على الصعيد السنوي، فقد تقلصت نسبة مكاسب القيمة الرأسمالية للشركات المدرجة في السوق منذ بداية العام الجاري لتصل إلى 4.35% مقارنة بقيمتها في نهاية عام 2016 التي بلغت حينها 25.41 مليار د.ك.

وأقفل المؤشر السعري مع نهاية الأسبوع الماضي عند مستوى 6,752.79 نقطة، مسجلاً خسارة نسبتها 1.48% عن مستوى إغلاقه في الأسبوع قبل الماضي، بينما سجل المؤشر الوزني تراجعاً نسبته 0.85% بعد أن أغلق عند مستوى 402.41 نقطة، وأقفل مؤشر كويت 15 عند مستوى 906.38 نقطة، بخسارة نسبتها 0.47% عن إغلاقه في الأسبوع قبل الماضي. هذا وقد شهد السوق تراجعا في المتوسط اليومي لقيمة التداول بنسبة بلغت 22.61% ليصل إلى 14.82 مليون د.ك. تقريبا، في حين سجل متوسط كمية التداول انخفاضا نسبته 25.68%، ليبلغ 130.14 مليون سهم تقريبا. أما على صعيد الأداء السنوي لمؤشرات السوق الثلاثة، فمع نهاية الأسبوع الماضي سجل المؤشر السعري ارتفاعا عن مستوى إغلاقه في نهاية العام المنقضي بنسبة بلغت 17.48%، بينما بلغت نسبة نمو المؤشر الوزني منذ بداية العام الجاري 5.87%، ووصلت نسبة مكاسب مؤشر كويت 15 إلى 2.41%، مقارنة مع مستوى إغلاقه في نهاية 2016.

مؤشرات القطاعات

سجلت ثمانية من قطاعات بورصة الكويت تراجعاً لمؤشراتها في الأسبوع الماضي، في حين سجلت مؤشرات القطاعات الأربعة الباقية نمواً بنهاية الأسبوع، وتصدر قطاع الخدمات الاستهلاكية القطاعات التي سجلت تراجعاً، وذلك بعد أن أنهى مؤشره تعاملات الأسبوع على انخفاض نسبته 4.01%، مغلقاً عند مستوى 890.99 نقطة، تبعه في المرتبة الثانية قطاع النفط والغاز، والذي أغلق مؤشره مع نهاية الأسبوع عند مستوى 1,045.44 نقطة، بانخفاض نسبته 3.72%، تبعه في المرتبة الثالثة قطاع التكنولوجيا، حيث أقفل مؤشره مع نهاية الأسبوع عند مستوى 681.62 نقطة، مسجلاً تراجع نسبته 3.45%. أما أقل القطاعات انخفاضاَ فكان قطاع السلع الاستهلاكية، والذي أغلق مؤشره مع نهاية الأسبوع عند مستوى 1,120.61 نقطة، مسجلا خسارة نسبتها 0.19%.

من ناحية أخرى، تصدر قطاع الرعاية الصحية القطاعات التي سجلت نمواً، حيث ارتفع مؤشره بنسبة 4.80% منهياً تداولات الأسبوع عند 1,405.03 نقطة، تبعه قطاع الاتصالات الذي أقفل مؤشره عند 632.98 نقطة مسجلاً نمواً بنسبة 1.35%، وحل ثالثاً قطاع التأمين الذي ارتفع مؤشره بنسبة بلغت 1.09% مقفلاً عند 1,063.13 نقطة. أما أقل القطاعات نمواً فكان قطاع الصناعية والذي أغلق مؤشره عند 1,788.47 نقطة بارتفاع نسبته 0.17%.

تداولات القطاعات

شغل قطاع العقار المركز الأول لجهة حجم التداول خلال الأسبوع الماضي، إذ بلغ عدد الأسهم المتداولة للقطاع 222.96 مليون سهم تقريباً شكلت 34.26% من إجمالي تداولات السوق، فيما شغل قطاع الخدمات المالية المرتبة الثانية، إذ تم تداول نحو 188.84 مليون سهم للقطاع أي ما نسبته 29.02% من إجمالي تداولات السوق، أما المرتبة الثالثة فكانت من نصيب قطاع البنوك، والذي بلغت نسبة حجم تداولاته إلى السوق 17.64% بعد أن وصل عدد أسهمه المتداولة إلى 114.80 مليون سهم تقريباً.

أما لجهة قيمة التداول، فقد شغل قطاع البنوك المرتبة الأولى، إذ بلغت نسبة قيمة تداولاته إلى السوق 36.33% بقيمة إجمالية بلغت 26.92 مليون د.ك. تقريباً، وجاء قطاع الخدمات المالية في المرتبة الثانية، حيث بلغت نسبة قيمة تداولاته إلى السوق 17.66% وبقيمة إجمالية بلغت 13.10 مليون د.ك. تقريباً، أما المرتبة الثالثة فشغلها قطاع العقار، إذ بلغت قيمة الأسهم المتداولة للقطاع 12.10 مليون د.ك. شكلت حوالي 16.33% من إجمالي تداولات السوق.