واصل الأداء الباهت سيطرته على أداء بورصة الكويت للأسبوع الثاني على التوالي وسط استمرار هبوط معدلات السيولة النقدية إلى مستويات متدنية جداً، حيث بلغت قيمة التداول في إحدى جلسات الأسبوع الماضي حوالي 6.5 مليون دينار كويتي فقط، وهو أدنى مستوى لها منذ منتصف شهر يونيو الماضي تقريباً. وعلى صعيد مؤشرات السوق الثلاثة، فقد أنهت بدورها تداولات الأسبوع المنقضي مسجلة خسائر متباينة، لاسيما المؤشرين الوزني وكويت 15 اللذان واصلا تسجيل الخسائر للأسبوع الثاني على التوالي وسط تزايد الضغوط البيعية وعمليات جني الأرباح على الأسهم القيادية والتشغيلية، فيما لم يتمكن المؤشر السعري من الحفاظ على المكاسب التي سجلها في الأسبوع قبل السابق، لينهي تداولات الأسبوع المنقضي في المنطقة الحمراء متأثراً بعمليات جني الأرباح والمضاربات السريعة التي حظيت الأسهم الصغيرة على نصيب منها.
وفقدت بورصة الكويت خلال الأسبوع الماضي ما يقرب من 160 مليون دينار كويتي من قيمتها الرأسمالية، حيث وصلت بنهاية الأسبوع إلى 28.66 مليار دينار كويتي، بانخفاض نسبته 0.55% عن مستواها في الأسبوع قبل السابق، والذي بلغ 28.82 مليار دينار كويتي؛ لتتقلص بذلك نسبة مكاسبها منذ بداية العام الجاري وتصل إلى 12.82%، وذلك بالمقارنة مع قيمتها في نهاية عام 2016، والتي بلغت آنذاك 25.41 مليار د.ك.
(ملاحظة: يتم احتساب القيمة الرأسمالية للشركات المدرجة في السوق الرسمي على أساس متوسط عدد الأسهم القائمة بحسب آخر بيانات مالية رسمية متوفرة).
فيما كان لتأخر غالبية الشركات المدرجة في الإفصاح عن نتائجها المالية لفترة الربع الثالث من العام الجاري عامل ضغط آخر على أداء السوق في الأسبوع الماضي، حيث ساهم ذلك في تراجع معدلات التداول وحضور حالة من الحذر في التعاملات، فمع نهاية الأسبوع الماضي وصل عدد الشركات التي أعلنت عن نتائجها لفترة التسعة أشهر من العام الجاري إلى 28 شركة فقط، وذلك من أصل 157 شركة مدرجة في السوق الرسمي، أي أن أكثر من 80% من الشركات المدرجة في السوق لم تعلن بعد عن نتائجها على الرغم من مرور نحو شهر تقريباً من المهلة القانونية المحددة للإفصاح والتي ستنتهي في منتصف شهر نوفمبر القادم؛ هذا وقد حققت الشركات المعلنة ما يقرب من 707.61 مليون دينار كويتي أرباحاً صافية عن فترة التسعة أشهر المنقضية من العام الجاري، بارتفاع نسبته 22.09% عن أرباح نفس الشركات لذات الفترة من العام 2016، والتي بلغت حينذاك 579.59 مليون دينار كويتي.
على الصعيد الاقتصادي، ثبتت وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني تصنيفها الائتماني السيادي لدولة الكويت لعام 2017 عند المرتبة AA مع نظرة مستقبلية مستقرة، مشيرة إلى أن التصنيف الائتماني السيادي لدولة الكويت يعكس أوضاعها المالية والخارجية القوية بشكل استثنائي. وأضافت أن سعر برميل النفط التوازني للموازنة العامة الكويتية يقدر في العام الحالي عند نحو 50 دولاراً للبرميل وهو السعر الأدنى بين دول منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك). وأوضحت أن هناك عوامل تحد من تلك القوة تتمثل باعتماد الاقتصاد الكويتي على النفط بشكل كبير ودرجة المخاطر الجيوسياسية وضعف مؤشرات الحوكمة، فضلاً عن مدى سهولة ممارسة أنشطة الأعمال. وأفادت الوكالة بأنه وفقاً لسيناريو افتراضي إذا بقي عجز الموازنة العامة عند المستوى المتوقع في السنة المالية (2017 – 2018) مع استمرار التحويل إلى صندوق احتياطي الأجيال القادمة وبقاء صندوق الاحتياطي العام المصدر الوحيد لتمويل العجز، فإن صندوق الاحتياطي العام سيستنزف خلال 10 سنوات.
وتجدر الإشارة إلى أن تعرض الاقتصاد الكويتي لعدة ضربات متتالية في العقد الأخير بدءاً من الأزمة المالية العالمية التي عصفت بالعديد من الدول، ومروراً بثورات الربيع العربي، التي أثرت بشكل سلبي نسبياً على الاقتصاد المحلي، وإن كان تأثيراً غير مباشراً، فضلاً عن تأثر الاقتصاد بأزمة تراجع أسعار النفط المستمرة حتى الآن، قد جاء نتيجة عجز السياسات الاقتصادية الحكومية عن جعل الاقتصاد الوطني اقتصاداً قوياً قادراً على التصدي للأزمات المختلفة، أو على الأقل لم تساعد تلك السياسات في الحد من تأثيرات هذه الأحداث على أداء الاقتصاد الوطني، فعلى الرغم من الإيرادات النفطية الكبيرة التي تحصلت عليها الدولة والفوائض المالية الضخمة التي حققتها الميزانية العامة في السنوات السابقة، إلا أن السياسات الحكومية التي فضلت إرسال تلك الفوائض إلى صندوقي “الاحتياطي العام” و “الأجيال القادمة” دون النظر لاستغلالها في إقامة مشروعات تساعد على تنويع مصادر الدخل، قد أدخلت الاقتصاد الكويتي في نفق مظلم ولم تسهم في إخراج البلاد من وضعها الاقتصادي الذي يزداد سوءاً في السنوات الأخيرة.
والآن ومع تسجيل ميزانية الدولة للعجز المالي نتيجة هذه السياسات الاقتصادية غير الفعالة، فقد اتجهت الحكومة إلى سد ذلك العجز من خلال طرق الاقتراض المختلفة أو عن طريق السحب من أموال “صندوق الاحتياطي العام”، تلك الأموال التي لن تتمكن من سد عجز الميزانية بعد 10 سنوات، وذلك بحسب تقرير وكالة “فيتش”، الأمر الذي يستوجب على الحكومة تغيير سياساتها الحالية والاتجاه إلى سياسات وأساليب جديدة وفعالة وقادرة على حل المشكلات التي أصابت الاقتصاد المحلي في السنوات الأخيرة نتيجة استمرار الحكومة في اتباع سياسات غير فعالة؛ فبدلاً من معالجة الهدر المالي والمصروفات غير المبررة، والتخلي عن سياسة التوظيف العشوائي وإنشاء الهيئات المختلفة غير المفيدة في معظمها، وتقليل دور القطاع العام في النشاط الاقتصادي لحساب القطاع الخاص، وهي الأمور التي تكلف ميزانية الدولة ملايين الدنانير دون جدوى حقيقية، تذهب الحكومة إلى الحلول الترقيعية لحل المشكلات الاقتصادية التي تقابلها من وقت لآخر، والتي تعتبر حلول وقتية لا تعالج تلك المشكلات بشكل جذري، فليس من المعقول أن يتم الاعتماد على أموال صندوق الاحتياطي العام في سد عجز الميزانية دون النظر إلى استغلال تلك الأموال في إقامة مشروعات تنموية تهدف إلى تنويع وزيادة الدخل القومي وتطوير الاقتصاد المحلي وتعزيز قوته للتصدي للأزمات المختلفة. ونحن بدورنا نأمل ألا تتجاهل الحكومة توصيات ونصائح الجهات الاقتصادية المرموقة، كصندوق النقد الدولي وغيره من المؤسسات الاقتصادية العريقة، التي لطالما نادت بتغيير النمط الحكومي في إدارة الاقتصاد المحلي، وأن تتجه إلى تنفيذ هذه التوصيات بشكل فوري، مما يسهم في معالجة الوضع الاقتصادي المحلي المتأزم.
وبالعودة إلى أداء بورصة الكويت خلال الأسبوع الماضي، فقد واصلت البورصة أداءها السلبي للأسبوع الثاني على التوالي، وأنهت تداولات الأسبوع المنقضي مسجلة خسائر متباينة لمؤشراتها الثلاثة، وذلك في ظل الضغوط البيعية وعمليات جني الأرباح التي شملت العديد من الأسهم المدرجة وعلى رأسها الأسهم القيادية. وقد جاء ذلك وسط انخفاض ملحوظ لمستويات التداول، خاصة السيولة النقدية التي انخفضت بشكل واضح ووصلت في إحدى جلسات الأسبوع إلى أدنى مستوى لها منذ أكثر من أربعة أشهر تقريباً. ومع نهاية الأسبوع، شهد المتوسط اليومي لقيمة التداول تراجعاً بنسبة بلغت 18.86% ليصل إلى 11.41 مليون د.ك. تقريبا، في حين سجل متوسط كمية التداول انخفاضا نسبته 15.66%، ليبلغ 66.52 مليون سهم تقريباً.
وعلى صعيد التداولات اليومية، فقد استهلت بورصة الكويت تداولات أولى جلسات الأسبوع المنقضي على تباين لجهة إغلاق مؤشراتها الثلاثة، حيث سجل المؤشر السعري نمواً محدوداً نتيجة عمليات الشراء الانتقائية التي نُفذت على بعض الأسهم الصغيرة، فيما لم تمكن المؤشرين الوزني وكويت 15 من تحقيق الارتفاع بنهاية الجلسة وذلك في ظل عمليات جني الأرباح التي استهدفت بعض الأسهم القيادية والتشغيلية وخاصة في قطاع السلع الاستهلاكية. هذا وشهدت الجلسة التالية تراجع جميع مؤشرات السوق على إثر الخسائر التي سجلتها الكثير من الأسهم المدرجة سواء القيادية منها أو الصغيرة، وهو الأمر الذي جاء على الرغم من ارتفاع نشاط التداول بنهاية الجلسة بشكل ملحوظ، حيث نمت قيمة التداول بنسبة 55.99%، فيما ارتفع عدد الأسهم المتداولة بنسبة 8.16%.
وواصلت البورصة تسجيل الخسائر الجماعية لمؤشراتها الثلاثة في جلسة منتصف الأسبوع، حيث واصل المؤشر السعري تسجيل الخسائر نتيجة استمرار عمليات البيع التي استهدفت عدد من الأسهم الصغيرة، فيما استمرت عمليات البيع على الأسهم القيادية في دفع مؤشرات السوق الوزنية إلى المنطقة الحمراء للجلسة الثالثة على التوالي. فيما عاد السوق في جلسة يوم الأربعاء إلى التباين مجدداً، حيث تمكن المؤشر السعري من تحقيق المكاسب بدعم من عودة العمليات الشرائية على بعض الأسهم الصغيرة، فيما بقي المؤشرين الوزني وكويت 15 في المنطقة الحمراء مع استمرار الاتجاه البيعي في السيطرة على أداء الأسهم القيادية. هذا وقد تمكنت البورصة في جلسة يوم الخميس من كسر موجة التراجعات واستطاعت مؤشراتها الثلاثة أن تعود للمنطقة الخضراء مرة أخرى، وذلك بدعم من عودة المضاربات النشطة التي تركزت على عدد من الأسهم الصغيرة، بالإضافة إلى عمليات التجميع التي شهدتها بعض الأسهم القيادية.
وأقفل المؤشر السعري مع نهاية الأسبوع الماضي عند مستوى 6,623.49 نقطة، مسجلاً خسارة نسبتها 0.14% عن مستوى إغلاقه في الأسبوع قبل الماضي، فيما سجل المؤشر الوزني انخفاضاً نسبته 0.56% بعد أن أغلق عند مستوى 429.09 نقطة، وأقفل مؤشر كويت 15 عند مستوى 998.18 نقطة بخسارة نسبتها 0.67% عن إغلاقه في الأسبوع قبل الماضي. أما على صعيد الأداء السنوي لمؤشرات السوق الثلاثة، فمع نهاية الأسبوع الماضي وصلت نسبة مكاسب المؤشر السعري منذ نهاية العام المنقضي إلى 15.23%، بينما بلغت نسبة نمو المؤشر الوزني حوالي 12.89%، ووصلت نسبة مكاسب مؤشر كويت 15 إلى 12.79%، مقارنة مع مستوى إغلاق عام 2016.
مؤشرات القطاعات
سجلت ستة من قطاعات بورصة الكويت تراجعاً في مؤشراتها بنهاية الأسبوع الماضي، في حين نما مؤشرات خمسة قطاعات، مع بقاء مؤشر قطاع الرعاية الصحية بدون تغير. هذا وجاء قطاع السلع الاستهلاكية في مقدمة القطاعات المتراجعة، حيث أغلق مؤشره منخفضاً بنسبة 3.78% بعدما وصل إلى 978.36 نقطة. تبعه في المرتبة الثانية، قطاع الاتصالات الذي أنهى مؤشره تداولات الأسبوع عند مستوى 585.39 نقطة، متراجعاً بنسبة 1.80%، فيما شغل المرتبة الثالثة قطاع البنوك الذي نقص مؤشره بنسبة 0.95% مقفلاً عند 952.72 نقطة. أما أقل القطاعات تراجعاً، فكان قطاع النفط والغاز، والذي أغلق مؤشره عند 1,031.60 نقطة مسجلاً خسارة نسبتها 0.31%.
من ناحية أخرى، تصدر قطاع التكنولوجيا القطاعات التي سجلت نمواً، حيث أغلق مؤشره مع نهاية الأسبوع عند مستوى 563.59 نقطة بنمو نسبته 4.16%، وجاء قطاع الصناعية في المرتبة الثانية مع نمو مؤشره بنسبة 1.03% مغلقاً عند مستوى 1,798.73 نقطة، فيما شغل قطاع الخدمات الاستهلاكية المرتبة الثالثة بعد أن ارتفع مؤشره مع نهاية الأسبوع بنسبة بلغت 0.93%، ليقفل عند مستوى 932.42 نقطة. أما أقل القطاعات ارتفاعاً في الأسبوع الماضي، فكان قطاع المواد الأساسية، والذي أغلق مؤشره عند مستوى 1,289.13 نقطة بارتفاع نسبته 0.12%.
تداولات القطاعات
شغل قطاع الخدمات المالية المركز الأول لجهة حجم التداول خلال الأسبوع الماضي، إذ بلغ عدد الأسهم المتداولة للقطاع 114.51 مليون سهم تقريباً شكلت 34.43% من إجمالي تداولات السوق، فيما شغل قطاع العقار المرتبة الثانية، إذ تم تداول نحو 95.15 مليون سهم للقطاع أي ما نسبته 28.61% من إجمالي تداولات السوق. أما المرتبة الثالثة فكانت من نصيب قطاع البنوك، إذ بلغت نسبة حجم تداولاته إلى السوق 14.13% بعد أن وصل إلى 47 مليون سهم.
أما لجهة قيمة التداول، فقد شغل قطاع البنوك المرتبة الأولى، إذ بلغت نسبة قيمة تداولاته إلى السوق 29.85% بقيمة إجمالية بلغت 17.04 مليون د.ك. تقريباً، وجاء قطاع الاتصالات في المرتبة الثانية، حيث بلغت نسبة قيمة تداولاته إلى السوق 22.62% وبقيمة إجمالية بلغت 12.91 مليون د.ك. تقريباً. أما المرتبة الثالثة فشغلها قطاع الخدمات المالية، إذ بلغت قيمة الأسهم المتداولة للقطاع 12.79 مليون د.ك. شكلت 22.41% من إجمالي تداولات السوق.