شهدت بورصة الكويت تباين أداء مؤشراتها الثلاثة للأسبوع الثاني على التوالي، وذلك في ظل أداء اتسم بالتذبذب المائل للتراجع نسبياً، حيث غلبت الضغوط البيعية وعمليات جني الأرباح على القوى الشرائية التي كانت حاضرة خلال تداولات الأسبوع، وسط تركيز هذه العمليات على العديد من الأسهم القيادية والثقيلة، خاصة تلك التي شهدت ارتفاعات جيدة خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من العام الجاري، وهو الأمر الذي انعكس على أداء المؤشرين الوزني وكويت 15 ودفعهما إلى إنهاء تداولات الأسبوع في المنطقة الحمراء. أما المؤشر السعري، فقد واصل اتجاهه الصعودي الذي استهله منذ بداية العام الجديد، واستطاع أن ينهي تداولات الأسبوع المنصرم محققاً بعض المكاسب، مدعوماً من استمرار عمليات الشراء والمضاربات السريعة على بعض الأسهم الصغيرة المدرجة بالسوق، لاسيما التي يتم تداولها دون قيمتها الإسمية والدفترية.
وجاء تباين السوق خلال الأسبوع الماضي وسط حضور عدد من العوامل المؤثرة على مجريات التداول فيه، إذ يأتي على رأس تلك العوامل إحجام بعض المتداولين عن التعامل وترقبهم لنتائج الشركات المدرجة في السوق عن السنة المالية الماضية، وهو الأمر الذي جاء بالتزامن مع تباين نشاط التداول بنهاية الأسبوع، حيث انخفض إجمالي عدد الأسهم المتداولة بنسبة بلغت 5.70%، فيما زادت قيمة التداول بنسبة بلغت 11.68%، وذلك مقارنة مع تداولات الأسبوع قبل الماضي.
على الصعيد الاقتصادي، عقدت وزارة المالية خلال الأسبوع الماضي مؤتمراً صحفياً تحت شعار “ضبط الإنفاق خطوة نحو الإصلاح المالي” وأعلنت على لسان وزيرها عن تقديرات الميزانية العامة الجديدة للعام المالي 2018/2019، وبلغت تقديرات العجز المتوقع أن تسجله الميزانية حوالي 6.5 مليار دينار كويتي، وذلك بعد استقطاع نسبة صندوق احتياطي الأجيال القادمة، فالإيرادات المقدرة بالميزانية بلغ حوالي 15 مليار دينار كويتي، في حين بلغت تقديرات المصروفات حوالي 20 مليار دينار كويتي، وقد بنيت هذه التقديرات على أساس متوسط سعر مقدر بـ50 دولار أمريكي لبرميل النفط الكويتي. وذكر السيد وزير المالية أن باب الرواتب والأجور والدعوم حظيت بالنسبة الأكبر من مصروفات الميزانية، موضحاً أن نسبة المصروفات الجارية بلغت حوالي 82% من إجمالي المصروفات. ومن المقرر أن يبلغ إجمالي المرتبات في السنة الجديدة 2018/2019 حوالي 11.2 مليار دينار كويتي، مقابل 10.9 مليار دينار كويتي في السنة السابقة، أي بنمو نسبته 3.4%.
ويعد استمرار العجز المالي في الميزانية العامة للدولة قضية بالغة الأهمية بالنسبة لمستقبل الوضع المالي للكويت، فاستمرار هذا العجز في السنوات المقبلة ينذر بالمزيد من الصعوبات لاقتصادنا الوطني الذي يعاني في الأساس من مشكلات أخرى لا تقل أهمية عن العجز. ورغم ارتفاع متوسط سعر برميل النفط الذي احتسبت على أساسه الإيرادات المقدرة بالميزانية الجديدة إلى 50 دولار أمريكي بعدما كان 45 دولار أمريكي في تقديرات السنة المالية الحالية، إلا أن العجز المالي لازال حاضراً وبمليارات الدنانير، وحتى إذا افترضنا احتساب هذه التقديرات على أساس متوسط أعلى لسعر برميل النفط وليكن 60 دولار أمريكي مثلاُ أو أكثر بقليل، فإن ميزانية الدولة سيكون مآلها العجز أيضاً، وهو الأمر الذي يوضح أن الإدارة الكويتية لم تعِ خطورة استمرار هذا العجز منذ لحظة وقوعه، إذ كان لا بد على الحكومة منذ أن بدأت أسعار النفط رحلة هبوطها قبل حوالي عشر سنوات، وتحديداً منذ عام 2008، أن تعمل على معالجة المشكلة من جذورها، وأن تبحث عن مصدر الخلل الذي تسبب في ذلك العجز، فالمشكلة لم تكن بسبب تراجع الإيرادات فحسب كما هو ظاهر، ولكن المشكلة الأكبر تكمن في الزيادة المستمرة في بند المصروفات سنة تلو الأخرى دون وجود أسباب منطقية تبرر هذه الزيادة، بالإضافة أيضاً إلى فشل الحكومة في إيجاد مصادر دخل جديدة تساهم في عدم وقوع الميزانية في دائرة العجز المالي؛ لذلك فإن الحكومة الكويتية إذا ما أرادت القضاء على عجز الميزانية في المستقبل، فعليها أن تعالج هذه المشكلة من جذورها وأن تعمل على ضبط الإنفاق وترشيده، وكذلك إيجاد مصادر أخرى لتمويل هذا الإنفاق بجانب النفط.
هذا وقد لوحظ من أرقام ميزانية الدولة الجديدة أن الإنفاق الجاري يلتهم الجزء الأكبر من المصروفات المقدرة بالميزانية، وهو ما يثبت أن الترشيد مجرد كلام إنشائي وتصريحات إعلامية، حيث بلغت نسبة المصروفات الجارية حوالي 82% من إجمالي المصروفات المقدرة في الميزانية، مقابل 18% تقريباً لصالح الإنفاق الرأسمالي. وعلى الرغم من سلبية ذلك الأمر، حيث كان لابد على الحكومة أن تعمل على إنقاص الإنفاق الجاري لصالح الإنفاق الرأسمالي بما يخدم الاقتصاد الوطني ويساهم في إنعاشه، إلا أن هذه الفجوة تعتبر منطقية في ظل هيمنة القطاع العام على كل أمور البلاد تقريباً، فعندما تسيطر الدولة على أغلب القطاعات الاقتصادية وتعمل على تهميش دور القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي، فإنها ستضطر بذلك إلى رفع الإنفاق الجاري في ميزانيتها العامة عاماً تلو الآخر، وبالتالي فإن تلك الميزانية ستقع حتماً في معضلة العجز المالي، لاسيما إذا كانت مثل ميزانيتنا العامة لا تعتمد إلا على مصدر شبه وحيد للدخل، وحينئذٍ ستضطر الدولة إلى تمويل هذا العجز إما من خلال طرق الاقتراض المختلفة، أو عن طريق السحب من الاحتياطي العام الذي تمتلكه حتى ينفذ، وكلاهما مر وواجب تجنبه، فالطريق الأسلم والأمثل لسد هذا العجز كما أورينا سابقاً هو ترشيد الانفاق وتخفيضه وتخلي القطاع العام عن سيطرته على النشاط الاقتصادي وإعطاء القطاع الخاص الدور الأكبر في إدارة الخدمات التعليمية والصحية وغيرها من الخدمات التي تُحمّل الدولة أعباء كثيرة هي في غنى عنها، مما يسهم في تعزيز كفاءة هذه الخدمات من خلال مبدأ تكافؤ الفرص والمنافسة العادلة، وكل ذلك ذلك سيسهم في إنعاش الاقتصاد الوطني ويساعد على تخفيف عجز الميزانية الحالي.
وبالعودة إلى أداء البورصة خلال الأسبوع الماضي، فقد شهدت مؤشراتها الثلاثة تبايناً لجهة إغلاقاتها الأسبوعية، حيث تمكن المؤشر السعري من تحقيق مكاسب أسبوعية بنسبة بلغت 0.50% مواصلاً بذلك أداءه الصعودي الذي استهله منذ بداية العام الجاري، حيث لقي الدعم من استمرار تركيز عمليات الشراء على الأسهم الصغيرة ذات القيم السعرية الرخيصة، بينما لم يتمكن المؤشرين الوزني وكويت 15 من عكس اتجاههما النزولي، وتراجعا للأسبوع الثاني على التوالي وسط استمرار عمليات جني أرباح في السيطرة على الأسهم القيادية، واتجاه بعض المتداولين إلى تنفيذ عمليات بيع جزئية على بعض أسهم قطاع البنوك.
هذا وقد سجلت البورصة خلال الأسبوع الماضي خسائر سوقية بأكثر من 355 مليون دينار كويتي، إذ وصلت قيمتها الرأسمالية مع نهاية الأسبوع إلى 27.70 مليار دينار كويتي، بتراجع نسبته 1.27% عن مستواها في الأسبوع قبل السابق والذي بلغ 28.05 مليار دينار كويتي. وبذلك تقلصت مكاسب السوق منذ بداية العام 2018 لتصل إلى حوالي 760 مليار دينار كويتي، أي بنمو نسبته 2.82% مقارنة مع قيمته في آخر يوم تداول من العام المنصرم، حيث بلغت آنذاك 26.94 مليار دينار كويتي. (ملاحظة: يتم احتساب القيمة الرأسمالية للشركات المدرجة في السوق الرسمي على أساس متوسط عدد الأسهم القائمة بحسب آخر بيانات مالية رسمية متوفرة).
وقد استهلت بورصة الكويت أولى جلسات الأسبوع الماضي على تراجع شمل كافة مؤشراتها، لاسيما المؤشرين الوزني وكويت 15 اللذان تأثرا باستمرار الضغوط البيعية وعمليات جني الأرباح التي تركزت على الأسهم القيادية، فيما كان لعمليات المضاربة السريعة التي استهدفت بعض الأسهم الصغيرة تأثيراً سلبياً أيضاً على أداء المؤشر السعري، وإن كان تأثيراً محدوداً بعض الشيء. هذا وشهدت الجلسة التالية تباين أداء مؤشراتها الثلاثة على وقع اختلاف توجهات المتداولون، حيث تمكن المؤشر السعري من إنهاء تداولات الجلسة في المنطقة الخضراء مستفيداً من عودة عمليات الشراء على الأسهم الصغيرة مرة أخرى، فيما واصل المؤشرين الوزني وكويت 15 تراجعهما تحت تأثير من استمرار الضغوط البيعية التي تستهدف الأسهم القيادية هذه الفترة.
أما جلسة منتصف الأسبوع، فقد أنهتها جميع مؤشرات السوق مسجلة تراجعات متفاوتة، وجاء ذلك على إثر الخسائر التي سجلتها الكثير من الأسهم التي تم التداول عليها خلال الجلسة، سواء كانت أسهم قيادية أو صغيرة، وخاصة في قطاعي النفط والغاز والخدمات الاستهلاكية.
هذا وقد عاد السوق في جلستي نهاية الأسبوع إلى التباين مرة أخرى، وذلك وسط عدم ظهور متغيرات جديدة تساهم في دفع المتداولون إلى تغيير سياستهم الاستثمارية هذا الوقت، لاسيما في ظل ترقبهم لنتائج الشركات المدرجة في البورصة عن السنة المالية 2017، لينهي السوق بذلك تداولات الأسبوع على تباين لجهة إغلاق مؤشراته الثلاثة للأسبوع الثاني على التوالي.
وأقفل المؤشر السعري مع نهاية الأسبوع الماضي عند مستوى 6,685.23 نقطة، مسجلاً نمواً نسبته 0.50% عن مستوى إغلاقه في الأسبوع قبل الماضي، فيما سجل المؤشر الوزني تراجعاً نسبته 1.35% بعد أن أغلق عند مستوى 412.82 نقطة، وأقفل مؤشر كويت 15 عند مستوى 943.58 نقطة بتراجع نسبته 2.28% عن إغلاقه في الأسبوع قبل الماضي. هذا وقد شهد السوق نمو المتوسط اليومي لقيمة التداول بنسبة بلغت 11.68% ليصل إلى 15.26 مليون د.ك. تقريباً، فيما سجل متوسط كمية التداول انخفاضاً نسبته 5.70%، ليبلغ 112.02 مليون سهم تقريباً.
مؤشرات القطاعات
سجلت ستة من قطاعات بورصة الكويت نمواً في مؤشراتها بنهاية الأسبوع الماضي، فيما تراجعت مؤشرات القطاعات الستة الباقية. وجاء قطاع الرعاية الصحية في مقدمة القطاعات التي سجلت ارتفاعاً، حيث أقفل مؤشره عند 1,550.87 نقطة مسجلاً نمواً نسبته 6.87%. تبعه قطاع العقار في المركز الثاني مع ارتفاع مؤشره بنسبة 5.02% بعد أن أغلق عند 1,061.78 نقطة. في حين شغل قطاع السلع الاستهلاكية المرتبة الثالثة بعد أن سجل مؤشره نمواً أسبوعياً بنسبة بلغت 0.90%، منهياً تداولات الأسبوع عند مستوى 816.51 نقطة. أما أقل القطاعات ارتفاعاً فكان قطاع الاتصالات والذي أغلق مؤشره عند 577.25 نقطة مسجلاً زيادة نسبتها 0.14%.
في المقابل، تصدر قطاع الخدمات الاستهلاكية القطاعات المتراجعة، حيث أنهى مؤشره تداولات الأسبوع عند مستوى 894.75 نقطة بتراجع نسبته 4.46%، تبعه قطاع التكنولوجيا في المرتبة الثانية، حيث سجل مؤشره خسارة أسبوعية نسبتها 3%، مغلقاً عند مستوى 473.70 نقطة، فيما شغل قطاع الخدمات المالية المرتبة الثالثة بعدما أغلق عند مستوى 643.57 نقطة، مسجلاً خسارة أسبوعية نسبتها 1.02%. هذا وكان قطاع الصناعية هو الأقل تراجعاً خلال الأسبوع الماضي، حيث أنهى مؤشره تداولات الأسبوع مسجلاً انخفاضاً نسبته 0.49%، وذلك بعدما أغلق عند مستوى 1,867.51 نقطة.
تداولات القطاعات
شغل قطاع البنوك المركز الأول لجهة حجم التداول خلال الأسبوع الماضي، إذ بلغ عدد الأسهم المتداولة للقطاع 181.12 مليون سهم تقريباً شكلت 32.34% من إجمالي تداولات السوق، فيما شغل قطاع الخدمات المالية المرتبة الثانية، إذ تم تداول نحو 142.86 مليون سهم للقطاع أي ما نسبته 25.51% من إجمالي تداولات السوق. أما المرتبة الثالثة فكانت من نصيب قطاع العقار، إذ بلغت نسبة حجم تداولاته إلى السوق 21.51% بعد أن وصل إلى 120.50 مليون سهم.
أما لجهة قيمة التداول، فقد شغل قطاع البنوك المرتبة الأولى أيضاً، إذ بلغت نسبة قيمة تداولاته إلى السوق 51.74% بقيمة إجمالية بلغت 39.47 مليون د.ك. تقريباً، وجاء قطاع الخدمات المالية في المرتبة الثانية، حيث بلغت نسبة قيمة تداولاته إلى السوق 15.80% وبقيمة إجمالية بلغت 12.05 مليون د.ك. تقريباً. أما المرتبة الثالثة فشغلها قطاع العقار، إذ بلغت قيمة الأسهم المتداولة للقطاع 7.27 مليون د.ك. شكلت 9.54% من إجمالي تداولات السوق.