استهلت بورصة الكويت تداولات الربع الأخير من العام الجاري على تراجع جماعي لمؤشراتها الثلاثة، إذ اتسم الأداء الذي قدمته البورصة خلال الأسبوع الماضي بالضعف بشكل عام، وسط فتور التعاملات وغياب الزخم الشرائي بشكل واضح مقارنة مع الأسابيع السابقة، وهو ما انعكس بطبيعة الحال على السيولة النقدية المتدفقة إلى السوق، والتي شهدت تراجعاً ملحوظاً خلال أغلب الجلسات اليومية من الأسبوع، وخاصة جلسة الأربعاء الماضي الذي تراجعت فيه قيمة التداول إلى ما دون الـ10 مليون د.ك. للمرة الأولى منذ شهر تقريباً، حيث بلغت بنهاية تلك الجلسة حوالي 9.63 مليون د.ك. فقط؛ هذا وقد تأثرت البورصة خلال الأسبوع الماضي بتزايد الضغوط البيعية على الغالبية العظمى من الأسهم المدرجة في السوقين الأول والرئيسي، وهو ما انعكس سلباً على كافة مؤشرات السوق، والتي أنهت بدورها تداولات الأسبوع مسجلة خسائر متقاربة. وأنهى مؤشر السوق الأول تداولات الأسبوع الماضي على انخفاض نسبته 0.58%، مغلقاً عند مستوى 5,314.90 نقطة، كما سجل مؤشر السوق الرئيسي خسارة أسبوعية نسبتها 0.43%، حيث أغلق مع نهاية الأسبوع عند مستوى 4,741.54 نقطة، فيما أغلق المؤشر العام للبورصة عند مستوى 5,111.34 نقطة بتراجع نسبته 0.53%.
وتجدر الإشارة إلى أن الخسائر التي تكبدتها البورصة خلال الأسبوع الماضي قد جاءت على الرغم من حضور بعض العوامل الإيجابية التي كان من الطبيعي أن تتجاوب معها البورصة، إذ يأتي في مقدمة هذه العوامل، التقارير والأنباء الصادرة من قبل بعض المؤسسات الاقتصادية المرموقة، والتي توقعت أن تشهد البورصة الكويتية جذب المزيد من السيولة في الشهور القادمة، خاصة بعد ترقيتها إلى مصاف الأسواق الناشئة من قبل (فوتسي راسل) أواخر الشهر المنصرم، واحتمالية ترقيتها أيضاً من قبل مؤشر (مورجان ستانلي) خلال العام القادم، فعلى سبيل المثال وليس الحصر، أشارت وكالة (رويترز) في تقرير لها أن هناك أخبار سارة تنتظرها الكويت، لاسيما أنها تترقب خلال العام المقبل إمكانية إعادة تصنيفها من وضعية الأسواق قبل الناشئة إلى الأسواق الناشئة في المؤشر العالمي (MSCI)، حيث من المتوقع أن ينتج من هذا الانضمام تدفقات نقدية بنحو ملياري دولار أمريكي.
وعلاوة على ذلك، فإن البورصة لم تتفاعل أيضاً مع نبأ حصولها على العضوية الكاملة في الاتحاد العالمي للبورصات، حيث يشكل ذلك خطوة بارزة في مسيرتها نحو تعزيز التكامل مع الأسواق المالية العالمية والاستفادة من التبادل المعرفي مع نظرائها، وذلك حسب البيان الذي أصدرته البورصة خلال الأسبوع الماضي في هذا الشأن؛ كما سجلت البورصة خسائرها الأسبوعية بالرغم من الارتفاع المتواصل لأسعار النفط وبلوغها مستويات لم تشهدها منذ أربع سنوات، حيث تخطى سعر البرميل مستوى الـ80 دولار أمريكي لأول مرة منذ عام 2014، هذا بالإضافة إلى الأخبار التي تواردت بشأن مباشرة شركة البورصة للاختبارات التجريبية لصانع السوق، تمهيداً للبدء في ممارسة هذا النشاط الهام الذي طال انتظاره، حيث أصبح وجود صانع السوق أمر حتمي لتحقيق التوازن المفقود بين العرض والطلب، بالإضافة إلى تعزيز مستويات السيولة النقدية التي تعاني البورصة من ضعفها بشكل مستمر. وبعد الخسائر التي مني بها السوق بالرغم من كل هذه العوامل، يتضح بما لا يدع مجالاً للشك، أن تجاوب البورصة الكويتية مع الأحداث الإيجابية المحيطة بها يعد بطيء جداً إذا ما قورن مع تأثرها بالأحداث السلبية التي تمر عليها بين الحين والآخر، الأمر الذي يوضح أن ثقة المستثمرين في السوق لاتزال ضعيفة إلى حد ما.
وعلى الصعيد الاقتصادي، قالت مجموعة (البنك الدولي) أن الزخم الإيجابي لنشاط القطاع غير النفطي في الكويت استمر العام الحالي وسجل نمواً نسبته 2.8% في الربع الأول على أساس سنوي، الأمر الذي ساهم في رفع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 1.6%، وهو أول نمو إيجابي في 15 شهراً، وعلى الرغم من ذلك، فقد أكد البنك الدولي أن إصلاحات المالية العامة تمضي في طريقها ببطء، مشيراً إلى أن التحديات الرئيسية لنمو الاقتصاد الكويتي مستقبلاً تتمثل في التوترات الجيوسياسية وتقلب الأسواق المالية وأسعار النفط، فيما تتصل التحديات الأكثر أمداً باعتماد الكويت الشديد على النفط باعتباره محركاً للنمو وفي تمويل الدعم وتوفير الوظائف للمواطنين؛ وأضاف أنه على الرغم من أن الخطة الاستراتيجية (كويت جديدة 2035)، والتي أطلقت في العام الماضي، تهدف إلى تحويل البلاد لمركز مالي عالمي وتجاري إقليمي، إلا أن سوء مناخ الأعمال وكبر حجم القطاع العام يعوقان انتاجية القطاع الخاص غير النفطي، لذلك يلزم إجراء إصلاحات شاملة تتركز على الابتكار وريادة الأعمال في القطاع الخاص وتوفير فرص العمل وتحسين مؤهلات قوتها العامة، مؤكداً أن زخم النمو الحالي هو فرصة لزيادة سرعة الإصلاحات وسقف طموحاتها.
وفي نفس السياق، أصدر (معهد التمويل الدولي) تقريراً اقتصادياً قال فيه أن النظرة المستقبلية في الكويت إيجابية، لكن البلاد بحاجة إلى مزيد من الإصلاحات، متوقعاً أن يرتفع النمو الاقتصادي بشكل عام في الكويت خلال عام 2018 بنسبة 2.9% بدعم من ارتفاع الانتاج النفطي. وأكد التقرير أن نجاح الدولة في تنويع اقتصادها المعتمد على النفط يحتاج إلى استثمار أجنبي مباشر عالي الجودة، فبما أن البلاد ليست في حاجة إلى رأس المال، فإن التركيز يجب أن يكون أكثر على إضافة القيمة إلى القطاعات الاقتصادية القائمة على المعرفة والتكنولوجيا الحديثة.
ومن الملاحظ أن الغالبية الساحقة من التقارير الاقتصادية التي تتحدث عن الوضع الاقتصادي الكويتي بصورة إيجابية قد اتفقت على ضرورة إجراء إصلاحات مالية واقتصادية شاملة وعاجلة تهدف إلى الحد من الاعتماد على الإيرادات النفطية وتجاوز مرحلة العجز المالي، فرغم أن بعض التقارير قد تشير إلى تحسن النمو الاقتصادي للبلاد أو تؤكد على نظرتها الإيجابية لمستقبل الاقتصاد الوطني، إلا أنها في الوقت ذاته تحذر من الاستمرار في السياسات التي يدار بها الاقتصاد المحلي، وخطورة الاعتماد على مصدر دخل وحيد، فنمو الناتج المحلي الإجمالي في الكويت يأتي في المقام الأول من ارتفاع أسعار النفط، ومن ثم العائدات غير النفطية التي لا تشكل سوى نسبة ضئيلة من إجمالي إيرادات الدولة، ما يعني أن استمرار هذا النمو غير مضمون أبداً على المدى البعيد نظراً لاعتماده في الأساس على ارتفاع أسعار النفط في السوق العالمي، والذي يعد من الأمور التي يصعب استمرارها أو التنبؤ بها نظراً لتداخل العديد من العوامل في التأثير على اتجاه أسعار هذه السلعة الحيوية.
ولعل ذلك هو ما يدفع الجهات المُصدرة لهذه التقارير بأن توصي وتشدد على ضرورة تنفيذ إصلاحات اقتصادية عاجلة تساهم في تعزيز مستويات النمو الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل، ولكن للأسف تجد هذه التوصيات تجاهل حكومي واضح وغير مبرر، فرغم أن الحديث عن الإصلاح الاقتصادي وإجراءات تحقيقه قد تزايد بشكل واضح في السنوات الأخيرة، إلا أنه في المقابل كانت الإجراءات الحكومية الرامية لتحقيق هذا الإصلاح دون المستوى المأمول، فلا نجد إلا إجراءات غير مدروسة تماماً تفاقم المشكلة بدلاً من معالجتها، أو تصريحات حكومية إنشائية غير جادة لا تُنفذ على أرض الواقع، آخرها تصريح السيد وزير المالية الذي شدد على ضرورة القيام بالإصلاحات الاقتصادية المدروسة بدقة، وتفعيل دور القطاع الخاص، والحد من تدخل الحكومة في الاقتصاد من خلال إطلاق مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص، فالعبرة دائماً تكون في التنفيذ وليس في التصريح فقط.
وفي النهاية نأمل أن تستيقظ الحكومة من سباتها العميق الذي طال، وأن تعمل بجدية على تنفيذ خطوات الإصلاح الاقتصادي الشامل والقضاء على الفساد الإداري المتفشي في الكثير من الأجهزة الحكومية، والذي يؤثر سلباً على التنمية الاقتصادية ويعيق عملية الإصلاح؛ كما نأمل أيضاً في عدم التعويل على النمو الضئيل الذي سجله الاقتصاد الوطني، والذي لم يرتق إلى المستوى المأمول، وألا يقلل هذا النمو من الجهود الرامية للإصلاح الاقتصادي الشامل.
وبالعودة إلى التداولات الأسبوعية للبورصة، فقد تكبدت القيمة الرأسمالية للسوق خسارة أسبوعية بما يزيد عن 157 مليون د.ك.، حيث وصلت مع نهاية الأسبوع إلى حوالي 28.60 مليار دينار كويتي بتراجع نسبته 0.55% عن مستواها في الأسبوع الذي سبقه، حيث كان 28.75 مليار دينار كويتي. وبذلك قد وصلت مكاسب البورصة منذ تطبيق نظام تقسيم السوق الجديد إلى حوالي 740.38 مليون د.ك. بنسبة بلغت 2.66%.
(ملاحظة: يتم احتساب القيمة الرأسمالية للشركات المدرجة في السوق على أساس المتوسط المرجح لعدد الأسهم القائمة بحسب آخر بيانات مالية رسمية متوفرة).
هذا وقد عادت مؤشرات البورصة الثلاثة إلى الاجتماع مجدداً على تسجيل الخسائر الأسبوعية بعد تراجعها في الأسبوع الماضي، حيث تأثرت بتزايد الضغوط البيعية التي شملت غالبية الأسهم المدرجة من جهة، فضلاً عن تراجع الزخم الشرائي في السوق خلال أغلب جلسات الأسبوع وإحجام بعض المتداولين عن الشراء وترقبهم لظهور محفزات جديدة تشجعهم على الشراء، وخاصة بعد انتهاء فترة الربع الثالث من العام الجاري ودخول السوق في حالة عامة من الترقب والحذر انتظاراً لإفصاح الشركات المدرجة عن نتائجها الفصلية، وخاصة نتائج الشركات القيادية المدرجة في مؤشر فوتسي راسل، والتي من المتوقع أن يتم الإعلان عنها تباعاً في الأسابيع القليلة القادمة.
وقد أدى الفتور الذي شهدته تداولات البورصة في الأسبوع الماضي وغياب الزخم الشرائي في أغلب جلسات الأسبوع إلى هبوط معدلات التداول بشكل واضح للأسبوع الثاني على التوالي، حيث انخفض إجمالي السيولة النقدية في كل جلسات الأسبوع ليصل إلى 63.59 مليون د.ك.، وذلك بعد أن كان 104.06 مليون د.ك. في الأسبوع قبل السابق، كما تراجع إجمالي عدد الأسهم المتداولة من 520.89 مليون سهم، ليصل إلى 379.06 مليون سهم.
على صعيد آخر، شهدت تعاملات السوق خلال الأسبوع الماضي تداول نحو 142 سهماً من أصل 175 سهماً مدرجاً، حيث ارتفعت أسعار 38 سهماً مقابل تراجع أسعار 84 سهم، مع بقاء 53 سهم دون تغير.
وأقفل مؤشر السوق الأول مع نهاية الأسبوع عند مستوى 5,314.90 نقطة، مسجلاً تراجعاً نسبته 0.58% عن مستوى إغلاق الأسبوع السابق، كما سجل مؤشر السوق الرئيسي انخفاضاً نسبته 0.43%، بعد أن أغلق عند مستوى 4,741.54 نقطة، في حين أغلق المؤشر العام للسوق عند مستوى 5,111.34 نقطة بانخفاض نسبته 0.53%. وعلى صعيد مؤشرات التداول خلال الأسبوع، فقد بلغ متوسط عدد الأسهم المتداولة 75.81 مليون سهم تقريباً، وذلك بانخفاض نسبته 27.23% عن مستواه في الأسبوع قبل السابق البالغ 104.18 مليون سهم، كما انخفض متوسط قيمة التداول بنسبة بلغت 38.89% ليصل إلى 12.72 مليون د.ك تقريباً بعد أن بلغ 20.81 مليون د.ك. في الأسبوع قبل السابق.
مؤشرات القطاعات
سجلت ثمانية من قطاعات بورصة الكويت تراجعاً في مؤشراتها، بينما ارتفعت مؤشرات ثلاثة قطاعات، مع بقاء قطاع التكنولوجيا دون تغيير. فعلى صعيد القطاعات المتراجعة، فقد تصدرها قطاع الخدمات المالية، حيث أقفل مؤشره عند 961.54 نقطة مسجلاً خسارة نسبتها 1.49%. تبعه قطاع السلع الاستهلاكية في المركز الثاني مع انخفاض مؤشره بنسبة بلغت 1.35% بعد أن أغلق عند 833.03 نقطة. في حين شغل قطاع الاتصالات المرتبة الثالثة بعد أن سجل مؤشره تراجعاً أسبوعياً بنسبة بلغت 1.17%، منهياً تداولات الأسبوع عند مستوى 917.0 نقطة. أما أقل القطاعات تراجعاً فكان قطاع النفط والغاز، حيث أغلق مؤشره عند مستوى 1,130.37 نقطة، بتراجع نسبته 0.38%.
أما على صعيد القطاعات المرتفعة، فقد تصدرها قطاع الرعاية الصحية، حيث أنهى مؤشره تداولات الأسبوع مسجلاً نمواً نسبته 1.02% مغلقاً عند مستوى 995.60 نقطة، فيما شغل قطاع المواد الأساسية المرتبة الثانية بعد أن أغلق مؤشره عند مستوى 1,176.32 نقطة، بنمو نسبته 0.54%، وشغل قطاع الصناعية المرتبة الثالثة بعد أن بلغت نسبة نمو مؤشره 0.16%، منهياً تداولات الأسبوع عند مستوى 983.33 نقطة.
تداولات القطاعات
شغل قطاع الخدمات المالية المركز الأول لجهة حجم التداول خلال الأسبوع، إذ بلغ عدد الأسهم المتداولة للقطاع حوالي 108.43 مليون سهم تقريبا شكلت 28.60% من إجمالي تداولات السوق، فيما شغل قطاع البنوك المرتبة الثانية، إذ تم تداول نحو 107.32 مليون سهم للقطاع أي ما نسبته 28.31% من إجمالي تداولات السوق. أما المرتبة الثالثة فكانت من نصيب قطاع العقار، إذ بلغت نسبة حجم تداولاته إلى السوق 18.10% بعد أن وصل إلى 68.62 مليون سهم.
أما لجهة قيمة التداول، فقد شغل قطاع البنوك المرتبة الأولى، إذ بلغت نسبة قيمة تداولاته إلى السوق 51.40% بقيمة إجمالية بلغت 32.69 مليون د.ك. تقريبا، وجاء قطاع الصناعية في المرتبة الثانية، حيث بلغت نسبة قيمة تداولاته إلى السوق 18.55% وبقيمة إجمالية بلغت 11.80 مليون د.ك. تقريبا، أما المرتبة الثالثة فشغلها قطاع الخدمات المالية، إذ بلغت قيمة الأسهم المتداولة للقطاع حوالي 6.84 مليون د.ك. تقريبا شكلت 10.75% من إجمالي تداولات السوق.