تكبدت بورصة الكويت خلال الأسبوع الماضي خسائر رأسمالية بما يزيد عن 347 مليون د.ك.، وذلك على وقع سيطرة الضغوط البيعية على تداولات السوق من جهة، واستمرار غياب الزخم الشرائي من جهة أخرى؛ وقد انعكس ذلك بشكل سلبي على مؤشرات السوق الثلاثة (الأول والرئيسي والعام)، حيث سجلت جميعها خسائر متباينة للأسبوع الثالث على التوالي متأثرة بالتراجعات التي منيت بها أسعار غالبية الأسهم المتداولة في السوق وعلى رأسها الأسهم القيادية والتشغيلية التي كانت الأكثر تأثراً بالضغوط البيعية التي شهدتها البورصة في الأسبوع الماضي. وأنهى مؤشر السوق الأول تداولات الأسبوع الماضي على انخفاض نسبته 1.60%، مغلقاً عند مستوى 5,172.99 نقطة، كما سجل مؤشر السوق الرئيسي خسارة أسبوعية نسبتها 0.44%، حيث أغلق مع نهاية الأسبوع عند مستوى 4,697.73 نقطة، فيما أغلق المؤشر العام للبورصة عند مستوى 5,004.00 نقطة بتراجع نسبته 1.22%.
وتجدر الإشارة إلى أن مؤشرات البورصة الكويتية قد تكبدت في أولى جلسات الأسبوع الماضي خسائر واضحة وفقدت قيمتها الرأسمالية أكثر من 410 مليون د.ك. في نهاية تلك الجلسة، حيث جاء ذلك بعد التراجعات الحادة التي سجلتها أغلب أسواق الأسهم العالمية والخليجية، الأمر الذي دفع العديد من المتداولين إلى تنفيذ عمليات بيع عشوائية على معظم الأسهم المدرجة في السوق، وهو ما انعكس على مؤشرات البورصة الثلاثة، وخاصة المؤشر العام ومؤشر السوق الأول اللذان سجلا أكبر نسبة خسارة في يوم واحد منذ تطبيق نظام تقسيم السوق الجديد.
وبالرغم من أن السوق قد تمكن في الجلسات اللاحقة من تعويض جزء من هذه الخسائر عبر أداء اتسم بالتذبذب، إلا أنه بالنهاية فشل في تغيير مساره نحو الصعود وأنهت مؤشراته الثلاثة تعاملات الأسبوع في المنطقة الحمراء للأسبوع الثالث على التوالي؛ ولعل ذلك يوضح مدى هشاشة البورصة وافتقارها إلى محفزات إيجابية، لاسيما على صعيد الاقتصاد المحلي الذي يفتقد الكثير من مقومات الأسواق المالية، وهي محفزات تساهم في تحسين نفسيات المتداولين واستعادة ثقتهم المفقودة في السوق مرة أخرى، وتشجعهم على ضخ المزيد من السيولة في البورصة، خاصة وأن السوق لا يخلو من وجود فرص استثمارية حقيقية في ظل تراجع أسعار العديد من الأسهم المدرجة فيه إلى ما دون قيمتها الدفترية والإسمية.
هذا وقد تكبد السوق خسارة أسبوعية بلغت 347.21 مليون د.ك. تقريباً، حيث تراجعت القيمة الرأسمالية لإجمالي الأسهم المدرجة بنهاية الأسبوع إلى حوالي 28 مليار د.ك. مقابل 28.35 مليار د.ك. في الأسبوع الذي سبقه، أي بخسارة نسبتها 1.22%. وبذلك قد تقلصت مكاسب البورصة منذ تطبيق نظام تقسيم السوق الجديد لتصل إلى حوالي 143.29 مليون د.ك. فقط بنسبة بلغت 0.51%. (ملاحظة: يتم احتساب القيمة الرأسمالية للشركات المدرجة في السوق على أساس المتوسط المرجح لعدد الأسهم القائمة بحسب آخر بيانات مالية رسمية متوفرة).
على الصعيد الاقتصادي، أظهر تقرير “مؤشر التنافسية العالمية إصدار 4.0 – 2018” الصادر عن (المنتدى الاقتصادي العالمي) تحسن الترتيب العام للكويت وتقدمها مركزين عن العام الماضي، لتحتل المرتبة 54 من أصل 140 دولة يشملها التقرير، وقد جاء هذا التقدم الضعيف وفقاً لتحسن البلاد في 47 مؤشر من أصل 90 مؤشر قياس لقطاعات مختلفة. ورغم ذلك فقد احتلت الكويت المرتبة الأخيرة خليجياً، في الوقت الذي تصدرت فيه الإمارات المرتبة الأولى خليجياً بعدما حلت في المرتبة الـ27 عالمياً، فيما جاءت دولة قطر في المرتبة الثانية على المستوى الخليجي بعد أن احتلت المرتبة الـ30 عالمياً، ثم المملكة العربية السعودية في المرتبة الثالثة بعد احتلالها المرتبة الـ39 عالمياً.
وعلى الرغم من التقدم الهزيل الذي أحرزته الكويت في مؤشر التنافسية العالمي هذ العام، إلا أنها لا تزال تقبع في المركز الأخير على المستوى الخليجي، فالتقرير يهدف إلى قياس القدرة التنافسية للدول من خلال مجموعة كبيرة من المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية، ومع ذلك فقد تراجعت الكويت في أغلب هذه المؤشرات، فهي لم تتحسن سوى في 47 مؤشر فقط من إجمالي 90 مؤشر فرعي يشمله التقرير، وهي نسبة ضعيفة جداً لا ترتق إلى طموحات الأوساط الاقتصادية والشعبية في البلاد، خاصة إذا ما علمنا أن نتائج الكويت في مختلف الأركان المكونة لمؤشر التنافسية العالمية قد جاءت متباينة بشكل ملحوظ، ففي الوقت الذي شغلت فيه المرتبة الأولى عالمياً في ركن استقرار الاقتصاد الكلي، شغلت في المقابل المركز 57 عالمياً في ركن المؤسسات، والمركز الـ61 في ركن البنية التحتية، والمركز الـ62 في ركن تكنولوجيا المعلومات، فيما جاءت في المركز الـ79 في ركن التعليم والمهارات.
وتجدر الإشارة إلى أن النتائج المتواضعة التي حققتها الكويت في معظم المؤشرات الاقتصادية تؤكد على استمرار ضعف الأداء التنافسي للاقتصاد الوطني وانحدار البيئة الاقتصادية بالبلاد وتقاعص الحكومة في تنفيذ إجراءات الإصلاح الاقتصادي بالشكل المطلوب؛ وفي الواقع علينا أن نعترف بأن تراجع الكويت في الكثير من هذه المؤشرات لم يكن أمراً مفاجئاً على الإطلاق، فهو يأتي كنتيجة منطقية للإهمال المتواصل للوضع الاقتصادي المحلي، بالإضافة إلى عدم التزام الجهات التنفيذية في الدولة في تنفيذ البرامج الإصلاحية والتنموية التي وضعتها الحكومة بنفسها في السنوات السابقة، فلا عجب من استمرار رؤية الكويت في تذيل الدول الخليجية في الكثير من المؤشرات الاقتصادية وسط غياب الإصلاح الحقيقي الشامل للاقتصاد الوطني، فهو أمر متوقع في ظل التركيز على الإصلاحات المالية فقط وإهمال الجوانب الإنتاجية والتنموية التي تعد الأكثر أهمية في الوقت الحالي.
إن الانحدار الذي شهدته الكويت في معظم المستويات الادارية والاقتصادية والتعليمية والتنموية يتطلب تغيير جذري في السياسات التي تنتهجها الحكومة بشأن مسألة الإصلاح الاقتصادي الشامل، كما أصبح من الضروري إعادة النظر في الدور الذي تلعبه الدولة في النشاط الاقتصادي، فلا بد من تقليص دور القطاع العام وإعطاء القطاع الخاص دور أكبر في المساهمة في تحريك مياه الاقتصاد الراكدة.
وبالعودة إلى الأداء الأسبوعي للبورصة، فقد تكبدت مؤشراتها الثلاثة خسائر متباينة للأسبوع الثالث على التوالي، وذلك في ظل استمرار الضغوطات البيعية القوية التي شملت أسهمهاً عديدة في مختلف القطاعات، لاسيما الأسهم القيادية والثقيلة، الأمر الذي انعكس على أداء مؤشر السوق الأول بشكل خاص، والذي كان الأكثر تراجعاً خلال الأسبوع الماضي. هذا وقد جاءت خسائر السوق في الأسبوع المنقضي وسط نمو ملحوظ لنشاط التداول بالمقارنة مع تعاملات الأسبوع الذي سبقه، لاسيما على صعيد إجمالي السيولة النقدية الذي ارتفع بأكثر من 51.27%، ليصل إلى 90.75 مليون د.ك. فيما سجل إجمالي عدد الأسهم المتداولة خلال الأسبوع ارتفاعاً نسبته 4.82%، ليبلغ 349.73 مليون سهم.
ويأتي الأداء السلبي الذي قدمه السوق في الأسبوع المنصرم على الرغم من إفصاح عدد من البنوك المحلية عن نتائج فصلية إيجابية عن فترة التسعة أشهر من العام الحالي، فيما لازال العديد من المتداولين يترقبون إفصاح باقي البنوك والشركات المدرجة عن نتائجها بهدف تحديد توجهاتهم الاستثمارية في السوق خلال المرحلة المقبلة، خاصة وأن هذه النتائج ستبين إلى حد كبير ملامح الأداء المالي للشركات المدرجة خلال العام 2018.
على صعيد آخر، شهدت تعاملات السوق خلال الأسبوع الماضي تداول نحو 146 سهماً من أصل 175 سهماً مدرجاً، حيث ارتفعت أسعار 51 سهماً مقابل تراجع أسعار 79 سهم، مع بقاء 45 سهم دون تغير.
وأقفل مؤشر السوق الأول مع نهاية الأسبوع عند مستوى 5,172.99 نقطة، مسجلاً تراجعاً نسبته 1.60% عن مستوى إغلاق الأسبوع السابق، كما سجل مؤشر السوق الرئيسي انخفاضاً نسبته 0.44%، بعد أن أغلق عند مستوى 4,697.73 نقطة، في حين أغلق المؤشر العام للسوق عند مستوى 5,004.00 نقطة بانخفاض نسبته 1.22%. وعلى صعيد مؤشرات التداول خلال الأسبوع، فقد بلغ متوسط عدد الأسهم المتداولة 69.95 مليون سهم تقريباً، وذلك بارتفاع نسبته 4.82% عن مستواه في الأسبوع قبل السابق البالغ 66.73 مليون سهم، كما ارتفع متوسط قيمة التداول بنسبة بلغت 51.27% ليصل إلى 18.15 مليون د.ك تقريباً بعد أن بلغ حوالي 12 مليون د.ك. في الأسبوع قبل السابق.
مؤشرات القطاعات
سجلت عشرة من قطاعات بورصة الكويت تراجعاً في مؤشراتها، بينما ارتفع مؤشر قطاع واحد فقط، مع بقاء قطاع الرعاية الصحية دون تغيير. وعلى صعيد القطاعات المتراجعة، فقد تصدرها قطاع الاتصالات حيث أقفل مؤشره عند 869.41 نقطة مسجلاً خسارة نسبتها 3.90%. تبعه قطاع السلع الاستهلاكية في المركز الثاني مع انخفاض مؤشره بنسبة بلغت 2.19% بعد أن أغلق عند 797.72 نقطة، في حين شغل قطاع التكنولوجيا المرتبة الثالثة بعد أن سجل مؤشره تراجعاً أسبوعياً بنسبة بلغت 1.71%، منهياً تداولات الأسبوع عند مستوى 836.63 نقطة. أما أقل القطاعات تراجعاً فكان قطاع الصناعية، حيث أغلق مؤشره عند مستوى 961.29 نقطة، بتراجع نسبته 0.66%.
أما على صعيد القطاعات المرتفعة، فقد اقتصرت على قطاع المواد الأساسية، حيث أنهى مؤشره تداولات الأسبوع مسجلاً نمواً نسبته 0.33% مغلقاً عند مستوى 1,229.92 نقطة.
تداولات القطاعات
شغل قطاع البنوك المركز الأول لجهة حجم التداول خلال الأسبوع، إذ بلغ عدد الأسهم المتداولة للقطاع حوالي 116.73 مليون سهم تقريبا شكلت 33.38% من إجمالي تداولات السوق، فيما شغل قطاع العقار المرتبة الثانية، إذ تم تداول نحو 81.28 مليون سهم للقطاع أي ما نسبته 23.24% من إجمالي تداولات السوق. أما المرتبة الثالثة فكانت من نصيب قطاع الخدمات المالية، إذ بلغت نسبة حجم تداولاته إلى السوق 21.12% بعد أن وصل إلى 73.87 مليون سهم.
أما لجهة قيمة التداول، فقد شغل قطاع البنوك المرتبة الأولى، إذ بلغت نسبة قيمة تداولاته إلى السوق 50.39% بقيمة إجمالية بلغت 45.73 مليون د.ك. تقريبا، وجاء قطاع الاتصالات في المرتبة الثانية، حيث بلغت نسبة قيمة تداولاته إلى السوق 16.68% وبقيمة إجمالية بلغت 15.14 مليون د.ك. تقريبا، أما المرتبة الثالثة فشغلها قطاع الصناعية، إذ بلغت قيمة الأسهم المتداولة للقطاع حوالي 14.10 مليون د.ك. تقريبا شكلت 15.53% من إجمالي تداولات السوق.