قال  رئيس مجلس الادارة والعضو المنتدب في شركة بيان للاستثمار فيصل علي المطوع أن أسواق المال العالمية متصلة فيما بينها وتؤثر على بعضها البعض وما ينطبق على الأسواق العالمية ينطبق الى حد ما على الأسواق الخليجية. كما قال في كلمة ألقاها أمام المؤتمر السنوي السادس لمؤسسة الفكر العربي والتي انعقدت في العاصمة البحرينية المنامة خلال الفترة 1- 3 ديسمبر الجاري أن هناك ثمة ترابط بين عدة مواضيع شائكة، منها قضية وحدة العملة الخليجية وارتباطها بالدولارمن عدمه وعلاقة هذا الموضوع في معدل التضخم وأسعار النفط العالمية.
 
وعن الوفرة المالية الخليجية الناتجة عن الطفرة العالمية لأسعار النفط، قال المطوع أن هناك انطباع سائد لدى كثيرين بأن دول الخليج النفطية تملك ثروات هائلة تستطيع الانتفاع بها، بينما في الواقع العملي هذه الثروات ما هي الا سيولة نقدية وقتية وليست ثروة فاعلة بمعنى الثروة، فالثروة هي الفائض الذي يزيد عن الحاجة ، وشدد على أنه ان فشلنا في تحويل هذه السيولة الفائضة لقطاعات انتاجية واستثمارات حقيقية فلن تكون هناك تنمية بكل معاني الكلمة، وستذهب كل هذه الفوائض سدى في انفاقات آنية.
 
كما حذر المطوع من ارتكاز اعتمادنا الكلي على النفط حتى لو تأكدنا من وجود مخزونات استراتيجية تمتد لفترة طويلة من الزمن نسبيا أو افترضنا اكتشاف مصادر بديلة للطاقة، وضرب بالنرويج مثالا على ذلك حيث قال أن هذه البلاد المصدرة للنفط لم تغير من نهجها الاستثماري في بناء بنيتها التحتية أو تطوير التعليم فيها كما أنها حافظت على جزء من هذه السيولة الضخمة لأجيالها القادمة، قياسا على ذلك، وأرجع ذلك لانخفاض معدلات الاستثمار التنموي في منطقتنا ضاربا مثلا بالكويت، اذ ذكر أنها تحتاج الى حوالي 11 مليار دينار كويتي لتوفير متطلبات الاسكان فقط، ناهيك عن قطاعات الصحة والتعليم والكهرباء.
 
ودعى المطوع الى استغلال هذه الفرصة المتوفرة بين أيدينا الاستغلال الأمثل، مؤكدا بأنه لو استطعنا استثمار هذه السيولة في قطاع التعليم لأوجدنا الانسان المنتج القادر على أن يخلق الثروة الحقيقية، ولو حولنا أنظمتنا الاقتصادية الى أنظمة تتمتع بالحرية الاقتصادية لاستطعنا خلق اقتصاديات قوية وفاعلة ومنتجه، ففي هذا الصدد، تطرق الى زيارة قام بها الى اليابان عام 1987 تلبية لدعوة من شركة نمورا اليابانية، ورأى كيف استطاعت دولة فقيرة بمواردها الطبيعية كاليابان أن تكون ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أكد أن الحرية الاقتصادية والاهتمام بالتعليم كان لهما الدور الأبرز لتفعيل ذلك.
 
وناشد الحكومات الخليجية من على هذا المنبربتسخير هذه السيولة الوقتية لما فيه صالح الانسان الخليجي وتحويله من انسان مستهلك الى عنصر منتج يشارك بلاده عملية التنمية باستثمارات منتجة والتنمية والاستثمار في حفر للبنية التحتية القادرة أن توجد أرضية صلبة وبيئة أفضل للمجتمعات الخليجية.
 
وفي معرض رده على أسئلة الحضور، قال فيصل المطوع أن الولايات المتحدة الأمريكية وحرصا منها على مصلحتها تعمد الى خفض قيمة الدولار عندما يزيد حجم العجز بالميزان التجاري، وبالتالي تكون صادراتها أقل تكلفة ووارداتها أعلى سعرا مما يؤدي الى تنشيط الصناعة.
 
وذكر بأن انخفاض الدولار لا يؤثر في مستوى التضخم داخل الولايات المتحدة، لأن سلة الاحتياجات الأساسية للأسرة الأمريكية تكون مصنعة محليا، وبالتالي لاتدخل البضاعة المستوردة في عامل تكلفة المعيشة للأسرة الأمريكية المتوسطة ولاتهتم كثيرا بقيمة صرف الدولار مقابل العملة الأوربية الموحدة فيما ان كانت 80 أو 150 سنتا أوربا على سبيل المثال.
 
وعلى النقيض من ذلك، بين المطوع أن انخفاض قيمة العملة الخضراء له بالغ الأثر في الدول المستوردة، كوننا نستورد معظم احتياجاتنا من الخارج خاصة تلك الداخلة في احتياجات الأسرة الخليجية. وأوضح أن التضخم ليس مستوردا بالكامل بل ان جزء منه يكون ناتجا عن سياسات محلية مثل سياسات الهيمنة الحكومية وقضية البيروقراطية، فقال أنه في الكويت على سبيل المثال أكثر من 90% القوى الوطنية العاملة موظفة لدى الدولة، وهذا ما ولد لنا مشاكل كثيرة مثل البطالة المقنعة وانخفاض معدل انتاجية الفرد وتكبيد الحكومة ميزانية متضخمة تثقل العبء المالي، وقال مخاطبا الحضور “لعل بعضكم قد لاحظ في الآونة الأخير مسألة الكوادر والحاجة لضمها في راتب الموظف الذي بدأ دخله يتقلص بسبب ارتفاع أسعار البضائع المستوردة، لأن جزء من التضخم مستورد والجزء الباقي منه محلي”، وأضاف الى علم الحضور من غير الكويتيين، أن حوالي 90% من أراضي دولة الكويت مملوكة للدولة، بينما لا تملك الحكومة الأمريكية حتى 1% من مجمل أراضي الولايات المتحدة الأمريكية.
 
وفي ختام محاضرته، حث المطوع حكومات دول المنطقة الى تخصيص جزء من فائض السيولة لعمل الأبحاث والدراسات، حيث أشار الى شركتين تربطه بهما علاقات تجارية، خصصت كل واحدة منهما مبلغ بليونين دولار في مجال أبحاث الطاقة البديلة، بينما تتقاعس دول بحكوماتها عن اقامة مثل هذه الأبحاث والدراسات.