سرعان ما عاد سوق الكويت للأوراق المالية إلى الأداء السلبي الذي استهل به تداولات العام الجاري بعدما لبث أن ارتفع على مدى الأسبوعين الماضيين، حيث هبطت مؤشراته الثلاثة وفقدت ما يقارب نصف المكاسب التي منيت بها في الأسبوع الماضي، وذلك بالرغم من النتائج الإيجابية والتوزيعات المالية الجيدة لمعظم البنوك وبعض الشركات المدرجة التي أعلنت عن بياناتها المالية للعام 2015، إلا أن السوق ما زال يفتقد إلى الثقة والرؤية الاستثمارية الواضحة التي تساعد في اتخاذ القرار في ظل نقص السيولة المالية ومخاوف الركود العالمي وتراجعات النفط والتطورات الإقليمية الأمنية، حيث شهدت السيولة النقدية تراجعا بنسبة 27% تقريبا مع نهاية الأسبوع.

على الصعيد الاقتصادي، صدرت عدة تصريحات وتقارير خلال الأسبوع الماضي تصف حال الاقتصاد المتعثر والميزانية العامة للدولة، كما أصدرت غرفة تجارة وصناعة الكويت مذكرة مطوّلة أكدت فيها أن الأزمة الاقتصادية في الدولة تأتي من ضعف الإدارة العامة في ظل الانخفاض الشديد في أسعار النفط. فقد وصفت المذكرة سلسلة الارتفاعات والتراجعات المتكررة في أسعار النفط على مدى أكثر من أربعين عاما رافقتها ظاهرة بالغة الغرابة والضرر تعاود الحضور مع كل مد وجزر، تتمثل بتزايد الاهتمام بالإصلاح المالي والاقتصادي إلى أقصى درجات الكلام كلما انتكست أسعار النفط وانخفضت إيرادات الميزانية العامة، ثم سرعان ما ينحسر هذا الاهتمام مع أول بوادر عودة هذه الأسعار إلى الارتفاع، ليبقى الإصلاح في الكويت ظاهرة كلامية.

الجدير بالذكر، أن كثرة الحديث عن انخفاض أسعار النفط والخطوات التي اتخذتها الحكومة في هذا الصدد للحد من تأثيره على العجز في الموازنة العامة للدولة، ما هو إلا فقاعات إعلامية حتى الآن. إن الأرقام الرسمية التي أعلنتها وزارة المالية بمشروع موازنة العام المقبل لم تكشف عن أي خطوات جادة تذكر لهذه الإجراءات على إجمالي المصروفات الحكومية. فالمطلوب أولا إجراء تعديلات جذرية على التبذير الكبير في ميزان المصروفات لهذه الميزانية قبل النظر في بند الإيرادات لأن أي تعديل في الإيرادات ومحاولة تنويع مصادر الدخل قد يأخذ وقتا من الزمن حتى إذا كان هناك جدية في تنفيذ بعض الخطط الموضوعة على الرف منذ فترة طويلة لنرى تأثيرها، وبالتالي يصبح لزاما علينا أن نواجه بشكل فوري بند المصروفات الذي إذا ما استطعنا ترشيده وحذف كل ما هو عبئ على الميزانية دون عائد سيساهم في تخفيف العجز، كما يجب إجراء تعديلات جذرية في النهج الاقتصادي المتبع، بإعادة هيكلية الميزانية وإعطاء القطاع الخاص دوره في النظام الاقتصادي من خلال السماح له بإدارة كثير من الخدمات الحكومية المرهقة للميزانية وتنفيذ المشاريع المجدية ضمن خطة التنمية لخلق فرص عمل للمواطنين في القطاع الخاص.

هذا وقد حذا أداء السوق الكويتي حذو معظم أسواق الأسهم الخليجية الأخرى، والتي تأثرت بدورها بتذبذب أسعار النفط والتراجع الحاد للاقتصاد العالمي مما زاد من المخاوف التي تحف بالمستثمرين ودفعهم للعزوف عن الشراء، وقد شغل سوق الكويت للأوراق المالية المرتبة الثالثة في ترتيب أسواق الأسهم الخليجية من حيث نسبة المكاسب، في حين شغل سوق مسقط مرتبة الصدارة، تبعه بورصة البحرين في المرتبة الثانية، ثم سوق أبو ظبي للأوراق المالية في المرتبة الرابعة، فيما شغلت بورصة قطر وسوق دبي المالي المرتبتين الخامسة والسادسة على التوالي، وجاءت السوق المالية السعودية في المرتبة الأخيرة. وفيما يلي جدول يبين أداء مؤشرات أسواق الأسهم الخليجية خلال الأسبوع المنقضي:

وبالعودة إلى أداء سوق الكويت للأوراق المالية خلال الأسبوع الماضي، فقد شهد تراجعا في أداء مؤشراته الثلاثة، وذلك وسط انخفاض نشاط التداول في السوق مقارنة مع الأسبوع قبل الماضي، إذ لجأ بعض المتداولين إلى البيع بهدف جني الأرباح، متجاهلين النتائج الإيجابية التي أعلنت عنها بعض الشركات والبنوك خلال الأسبوع، الأمر الذي انعكس سلبا على أداء المؤشرات لتنهي الأسبوع في المنطقة الحمراء.

وبنهاية الأسبوع الماضي، وصل عدد الشركات التي أعلنت عن نتائجها المالية للعام 2015 إلى 42 شركة، محققة ما يقارب 910.84 مليون دينار كويتي، بارتفاع نسبته 65.4% عن نتائج نفس الشركات لذات الفترة من العام 4201. من جهة أخرى، بلغت القيمة الرأسمالية للشركات المدرجة في السوق الرسمي وعددها 190 شركة 23.33 مليار دينار كويتي، بانخفاض قدره 365.65 مليون دينار، أي ما نسبته 1.54% عن قيمتها في الأسبوع قبل الماضي، والتي بلغت آنذاك 23.69 مليار دينار كويتي. أما على الصعيد السنوي، فقد وصل إجمالي ما خسره السوق منذ بداية 2016 إلى ما يقرب من 1.94 مليار دينار، بانخفاض نسبته 7.67%.

أما على صعيد التداولات اليومية للسوق، فقد شهد في جلسة بداية الأسبوع تبايناً لجهة إغلاق مؤشراته الثلاثة، حيث تمكن المؤشرين السعري وكويت 15 من تحقيق ارتفاع بسيط، على وقع الأخبار الإيجابية لبعض المجاميع الاستثمارية، فيما تراجع المؤشر الوزني بشكل طفيف متأثراً بعمليات البيع التي طالت بعض الأسهم الثقيلة، وسط انخفاض في نشاط التداول حيث شهدت السيولة تراجعا بحوالي 5 مليون دينار كويتي أي ما يعادل 24% تقريبا. أما في الجلسة التالية، فقد استمر التذبذب في السيطرة على تداولات السوق لتغلق مؤشراته الثلاثة على تباين، إذ استمر المؤشرين السعري وكويت 15 بتحقيق المكاسب، وإن كانت بشكل محدود، بينما تراجع أداء المؤشرالوزني بسبب الضغوط البيعية؛ هذا وقد تمكن المؤشر السعري من المحافظة على مستوى الـ 5,200 نقطة بدعم من التداولات النشطة على معظم القطاعات وعمليات الشراء القوية التي طالت الأسهم الرخيصة، التي من المتوقع أن تحقق أرباحا جيدة للعام 2015، بالإضافة إلى بعض الأسهم القيادية، مما دفع بالسيولة إلى تعويض خسائرها التي منيت بها في الجلسة السابقة.

وفي جلسة يوم الثلاثاء، فقد سجل السوق تراجعا جماعيا لمؤشراته الثلاثة، حيث فقد المؤشر السعري 45.48 نقطة ليصل إلى مستوى الـ 5,163.80 نقطة، نتيجة الضغوط البيعية المكثفة وعمليات جني الأرباح التي طالت أسهما عديدة معظمها كانت خاملة، في عملية إعادة بناء مراكز، وسط انخفاض ملحوظ في نشاط التداول. وفي جلسة يوم الأربعاء، واصل السوق اتجاهه التنازلي تحت تأثير استمرار الضغوط البيعية القوية وعمليات جني الأرباح على الأسهم القيادية خاصة في قطاع البنوك، بالإضافة إلى عمليات المضاربة على الأسهم الرخيصة والتي قد حققت مكاسب سابقة، مما أدى إلى تراجع معظم الأسهم التي تم تداولها خلال الجلسة وأدى إلى انخفاض مؤشرات السوق الثلاثة، وسط انخفاض ملموس في نشاط التداول خاصة الكمية المتداولة والتي تراجعت بنسبة 37.87%. هذا واختتم السوق الجلسة الأخيرة من الأسبوع مسجلا تراجعا جماعيا لمؤشراته الثلاثة في جلسة يوم الخميس، متأثرا باستمرار عمليات البيع التي طالت معظم الأسهم التي تم التداول عليها خلال الأسبوع، حيث فقد المؤشر السعري 66.81 نقطة.

وأقفل المؤشر السعري مع نهاية الأسبوع عند مستوى 5,131.56 نقطة، مسجلاً انخفاضاً نسبته 1.29% عن مستوى إغلاقه في الأسبوع قبل الماضي، فيما سجل المؤشر الوزني خسارة نسبتها 1.95% بعد أن أغلق عند مستوى 350.36 نقطة، وأقفل مؤشر كويت 15 عند مستوى 827.17 نقطة، بخسارة نسبتها 1.59% عن إغلاقه في الأسبوع قبل الماضي. هذا وقد شهد السوق تراجع في المتوسط اليومي لقيمة التداول بنسبة بلغت 26.71% ليصل إلى 12.01 مليون د.ك. تقريباً، في حين سجل متوسط كمية التداول انخفاضاً نسبته 23.18%، ليبلغ 141.34 مليون سهم تقريباً.

وعلى صعيد الأداء السنوي لمؤشرات السوق الثلاثة، فمع نهاية الأسبوع الماضي سجل المؤشر السعري تراجعاً عن مستوى إغلاقه في نهاية العام المنقضي بنسبة بلغت 8.61%، بينما بلغت نسبة تراجع المؤشر الوزني منذ بداية العام الجاري 8.21%، ووصلت نسبة انخفاض مؤشر كويت 15 إلى 8.14%، مقارنة مع مستوى إغلاقه في نهاية 2015.

مؤشرات’ القطاعات

سجلت خمسة من قطاعات سوق الكويت للأوراق المالية نمواً في مؤشراتها بنهاية الأسبوع الماضي، فيما تراجعت مؤشرات القطاعات السبعة الباقية، وجاء قطاع السلع الاستهلاكية في مقدمة القطاعات التي سجلت نمواً، حيث أغلق مؤشره مرتفعاً بنسبة 3.12 % بعدما وصل إلى 1,069.30 نقطة، تبعه في المرتبة الثانية قطاع الخدمات الاستهلاكية الذي أنهى مؤشره تداولات الأسبوع عند مستوى 965.73 نقطة، مرتفعاً بنسبة 1.16%. تبعه في المرتبة الثالثة قطاع النفط والغاز الذي أنهى مؤشره تداولات الأسبوع عند مستوى 765.84 نقطة، مرتفعاً بنسبة 0.16% أما أقل القطاعات تسجيلاً للارتفاع، فكان قطاع المواد الأساسية الذي أغلق مؤشره عند 888.15 نقطة مسجلاً زيادة نسبتها 0.02%.

من ناحية أخرى، تصدر قطاع الاتصالات القطاعات التي سجلت انخفاضاً، حيث أغلق مؤشره عند 551.46 نقطة منخفضاً بنسبة 4.90%، في حين شغل قطاع البنوك المرتبة الثانية، إذ تراجع مؤشره بنسبة بلغت 3.89% بعد أن أغلق عند 789.82 نقطة. أما أقل القطاعات تراجعاً فكان قطاع العقار، والذي انخفض مؤشره بنسبة بلغت 1.43% مغلقاً عند مستوى 835.38 نقطة.

تداولات’ القطاعات

شغل قطاع الخدمات المالية المركز الأول لجهة حجم التداول خلال الأسبوع الماضي، إذ بلغ عدد الأسهم المتداولة للقطاع 301.02 مليون سهم تقريباً، شكلت 42.59% من إجمالي تداولات السوق، فيما شغل قطاع العقار المرتبة الثانية، إذ تم تداول نحو 204.73 مليون سهم للقطاع، أي ما نسبته 28.97% من إجمالي تداولات السوق، أما المرتبة الثالثة فكانت من نصيب قطاع البنوك والذي بلغت نسبة حجم تداولاته إلى السوق 11.21% بعد أن وصل إلى 79.23 مليون سهم.

أما لجهة قيمة التداول، فقد شغل قطاع البنوك المرتبة الأولى، إذ بلغت نسبة قيمة تداولاته إلى السوق 40.73% بقيمة إجمالية بلغت 24.46 مليون د.ك. تقريباً، وجاء قطاع الخدمات المالية في المرتبة الثانية، حيث بلغت نسبة قيمة تداولاته إلى السوق 19.27% وبقيمة إجمالية بلغت 11.57 مليون د.ك. تقريباً، أما المرتبة الثالثة فشغلها قطاع العقار، إذ بلغت قيمة الأسهم المتداولة للقطاع 8.43 مليون د.ك.، شكلت حوالي 14.03% من إجمالي تداولات السوق.