واصلت بورصة الكويت تحقيق المكاسب لمؤشراتها الثلاثة للأسبوع الثاني على التوالي، وذلك بعد تداولات اتسمت بالنشاط الشرائي على الكثير من الأسهم المدرجة، وعلى رأسها الأسهم القيادية والتشغيلية، وسط سيطرة موجة من التفاؤل بين الأوساط الاستثمارية في السوق في ظل حضور عدد من المحفزات الإيجابية التي تتمثل في الارتفاعات الاستثنائية التي تشهدها الأسواق العالمية هذه الفترة، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار النفط ووصول سعر البرميل الكويتي إلى أكثر من 65 دولار أمريكي منذ عام 2014، فضلاً عن قرب إفصاح البنوك والشركات القيادية عن بياناتها المالية السنوية وتوزيعات الأرباح لعام 2017، لاسيما تلك التي من المتوقع أن تأتي ضمن النطاق الإيجابي.

وقد حققت البورصة على وقع الأداء الجيد الذي شهدته خلال الأسبوع الماضي مكاسب سوقية بلغت 450 مليون دينار كويتي تقريباً، لتصل قيمتها الرأسمالية بذلك إلى أعلى مستوى لها منذ شهر نوفمبر الماضي، حيث بلغت مع نهاية الأسبوع الماضي حوالي 27.89 مليار دينار كويتي، مقابل 27.44 مليار دينار كويتي في الأسبوع الذي سبقه، أي بارتفاع نسبته 1.64%. ووصلت بذلك مكاسب السوق منذ بداية العام الجديد إلى أكثر من 950 مليار دينار كويتي، أي بنمو نسبته 3.53% مقارنة مع قيمته في آخر يوم تداول من العام المنصرم، حيث بلغت آنذاك 26.94 مليار دينار كويتي. (ملاحظة: يتم احتساب القيمة الرأسمالية للشركات المدرجة في السوق الرسمي على أساس متوسط عدد الأسهم القائمة بحسب آخر بيانات مالية رسمية متوفرة).

ومع مواصلة البورصة السير في المسار الصعودي في الآونة الأخيرة، إلا أنه رغم ذلك ينتاب الكثير من المستثمرين تخوفات من عدم تمكنها من مواصلة هذا الصعود، لاسيما وأن السيولة النقدية في السوق لازلت تدور ضمن مستويات محدودة جداً منذ عدة سنوات، وهو الأمر الذي تسبب فيه استمرار سوء أحوال الاقتصاد الوطني منذ اندلاع الأزمة المالية العالمية أواخر عام 2008 دون أن يشهد تغييرات جذرية تسهم في إصلاح تبعات هذه الأزمة، فكما هو معلوم أن أداء الأسواق المالية عموماً يرتبط ارتباطاً وثيقاً بأداء الاقتصاد الذي تعمل فيه، لذلك فإن هذه التخوفات تعتبر منطقية ومبررة إلى حد كبير في ظل حالة عدم الوضوح المقترنة بعملية الإصلاح الاقتصادي في البلاد، فالاقتصاد الوطني لازال أمامه الكثير من التحديات التي كثر الحديث عنها، وهو الأمر الذي يتطلب بذل مجهود مضاعف من قبل الحكومة في الفترة الحالية فيما يخص عملية الإصلاح الاقتصادي، وكذا القضاء على المعضلات التي تعترض طريق هذا الإصلاح، وذلك بهدف خلق مناخ اقتصادي مشجع وبيئة استثمارية جاذبة لرؤوس الأموال، مما سينعكس بالنهاية بشكل إيجابي على كل أركان الاقتصاد المحلي، بما فيها بورصة الكويت التي نأمل في استمرار الصحوة التي تشهدها منذ بداية العام الجاري.

هذا وقد أصدر ديوان المحاسبة تقريراً في ذلك السياق طالب فيه الحكومة بتحمل مسئولياتها فيما يخص عملية الإصلاح الاقتصادي، وذلك من خلال وقفة جادة في الإصلاح الهيكلي للمالية العامة، ومعالجة الاختلالات الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد المحلي، والتي تتمثل في الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل، محذراً من الهيمنة الحكومية على القطاعات الاقتصادية في الدولة، مما يضعف دور القطاع الخاص.

وبالعودة إلى أداء السوق خلال الأسبوع الماضي، فقد واصلت البورصة أدائها المتميز الذي استهلت به العام الجديد، وتمكنت مؤشراتها الثلاثة من تحقيق ارتفاعات جيدة نسبياً للأسبوع الثاني على التوالي بدعم من النشاط الشرائي الواضح على العديد من الأسهم المدرجة وفي مقدمتها الأسهم القيادية والثقيلة، متغلبة بذلك على عمليات جني الأرباح التي كانت حاضرة خلال في بعض الجلسات اليومية من الأسبوع، تلك العمليات التي لم تتمكن من سحب مؤشرات السوق إلى المنطقة الحمراء، وإن ساهمت في تخفيف مكاسبها الأسبوعية بعض الشيء.

وتأتي مكاسب السوق الكويتي في ظل ترقب الغالبية العظمى من المستثمرين لنتائج الشركات المدرجة عن العام المالي 2017، لاسيما نتائج البنوك التي من المتوقع أن يتم الإعلان عنها في الأسابيع القليلة القادمة، وهو الأمر الذي دفع بالكثير من المتداولين إلى تنفيذ عمليات شراء مكثفة على بعض الأسهم البنكية، مما أدى إلى استحواذ قطاع البنوك على نصيب الأسد من السيولة النقدية المتداولة خلال الأسبوع المنقضي.

وقد استهلت البورصة أولى جلسات الأسبوع بتحقيق ارتفاع جيد لمؤشراتها الثلاثة، وذلك على وقع عمليات الشراء القوية التي شملت العديد من الأسهم المدرجة في السوق القيادية منها والصغيرة، حيث جاء ذلك على الرغم من تراجع نشاط التداول سواء على صعيد السيولة المالية أو عدد الأسهم المتداولة، حيث نقصت قيمة التداول بنهاية الجلسة بنسبة بلغت 14% تقريباً، في حين تراجعت كمية التداول بنسبة 12% تقريباً. هذا وشهد السوق في الجلسة الثانية من الأسبوع عمليات جني أرباح شملت بعض الأسهم التي شهدت ارتفاعات متفاوتة في الجلسات السابقة، وهو ما دفع مؤشراته الثلاثة إلى الاجتماع على الإغلاق في المنطقة الحمراء، وذلك وسط استمرار تراجع مؤشرات التداول سواء على صعيد السيولة النقدية أو عدد الأسهم المتداولة.

هذا وتمكن السوق في جلسة منتصف الأسبوع من العودة إلى المنطقة الخضراء مرة أخرى، حيث أنهت مؤشراته تداولات الجلسة محققة ارتفاعاً جماعياً بدعم من تكثيف عمليات الشراء على الأسهم القيادية بشكل خاص، بالإضافة إلى عمليات المضاربة السريعة التي تركزت على بعض الأسهم الصغيرة، وهو ما جاء وسط استمرار تراجع السيولة النقدية وعدد الأسهم المتداولة للجلسة الثالثة على التوالي.

أما جلستي الأربعاء والخميس، فقد شهدتا استمرار تغلب اللون الأخضر على مجريات التداول في البورصة، وهو ما ظهر جلياً على أداء مؤشراتها الثلاثة التي عززت من مكاسبها بشكل لافت، لتنهي تداولات الأسبوع محققة مكاسب جيدة مقارنة مع إغلاقات الأسبوع قبل السابق.

من جهة أخرى، شهد الأسبوع الماضي ارتفاع أسعار نحو 87 سهماً من أصل 157 سهماً مدرجاً في السوق الرسمي، وذلك بالمقارنة مع الأسبوع الذي سبقه، في حين انخفضت أسعار 47 سهم، مع بقاء 23 سهم بدون تغير.

وأقفل المؤشر السعري مع نهاية الأسبوع الماضي عند مستوى 6,560.63 نقطة، مسجلاً نمواً نسبته 1.65% عن مستوى إغلاقه في الأسبوع قبل الماضي، فيما سجل المؤشر الوزني نمواً نسبته 1.65% بعد أن أغلق عند مستوى 415.80 نقطة، وأقفل مؤشر كويت 15 عند مستوى 958.66 نقطة بارتفاع نسبته 2.33% عن إغلاقه في الأسبوع قبل الماضي. هذا وقد شهد السوق تراجع المتوسط اليومي لقيمة التداول بنسبة بلغت 14.84% ليصل إلى 12.93 مليون د.ك. تقريباً، كما سجل متوسط كمية التداول انخفاضاً نسبته 3.46%، ليبلغ 104.50 مليون سهم تقريباً.

ارتفاع نشاط التداول خلال عام 2017

سجلت تسعة من قطاعات بورصة الكويت نمواً في مؤشراتها بنهاية الأسبوع الماضي، فيما تراجع مؤشري قطاعيين اثنين، مع بقاء قطاع الرعاية الصحية بدون تغير يذكر. وجاء قطاع التكنولوجيا في مقدمة القطاعات التي سجلت ارتفاعاً، حيث أقفل مؤشره عند 495.83 نقطة مسجلاً نمواً نسبته 5.26%. تبعه قطاع العقار في المركز الثاني مع ارتفاع مؤشره بنسبة 3.58% بعد أن أغلق عند 977.14 نقطة. في حين شغل قطاع الخدمات المالية المرتبة الثالثة بعد أن سجل مؤشره نمواً أسبوعياً بنسبة بلغت 2.81%، منهياً تداولات الأسبوع عند مستوى 640.06 نقطة. أما أقل القطاعات ارتفاعاً فكان قطاع النفط والغاز والذي أغلق مؤشره عند 972.81 نقطة مسجلاً زيادة نسبتها 0.05%.

في المقابل، تصدر قطاع التأمين القطاعات المتراجعة، حيث أنهى مؤشره تداولات الأسبوع عند مستوى 1,026.19 نقطة بتراجع نسبته 6.16%، تبعه قطاع السلع الاستهلاكية في المرتبة الثانية، حيث سجل مؤشره خسارة أسبوعية نسبتها 4%، مغلقاً عند مستوى 817.27 نقطة.

أداء البورصة خلال الأسبوع الأخير من العام 2017

شغل قطاع العقار المركز الأول لجهة حجم التداول خلال الأسبوع الماضي، إذ بلغ عدد الأسهم المتداولة للقطاع 170.92 مليون سهم تقريباً شكلت 32.71% من إجمالي تداولات السوق، فيما شغل قطاع الخدمات المالية المرتبة الثانية، إذ تم تداول نحو 167.86 مليون سهم للقطاع أي ما نسبته 32.13% من إجمالي تداولات السوق. أما المرتبة الثالثة فكانت من نصيب قطاع االبنوك، إذ بلغت نسبة حجم تداولاته إلى السوق 22.80% بعد أن وصل إلى 119.13 مليون سهم.

أما لجهة قيمة التداول، فقد شغل قطاع البنوك المرتبة الأولى، إذ بلغت نسبة قيمة تداولاته إلى السوق 43.12% بقيمة إجمالية بلغت 27.87 مليون د.ك. تقريباً، وجاء قطاع الخدمات المالية في المرتبة الثانية، حيث بلغت نسبة قيمة تداولاته إلى السوق 20.46% وبقيمة إجمالية بلغت 13.22 مليون د.ك. تقريباً. أما المرتبة الثالثة فشغلها قطاع الصناعية، إذ بلغت قيمة الأسهم المتداولة للقطاع 8.81 مليون د.ك. شكلت 13.62% من إجمالي تداولات السوق.